Categories: اراء

فضيحة “الأرز” بالديدان

حسين الرواشدة

‏لم تحظ شحنة” الأرز” المغشوش (5500 طن) التي ضبطتها المؤسسة العامة للغذاء والدواء ،بما تستحق من اهتمام لدى الرأي العام، لا أدري -بالطبع -لماذا ؟
يبدو أن لدى الأردنيين ما يشغلهم عن النقاش في قضية تتعلق بفساد ما يأكلون ، بعد أن” بلعوا” أصنافا أخرى من الفساد الذي لاحقهم فيما يرون ويسمعون، مع ذلك ،فإن فضيحة الأرز ستبقى ناقصة ،ما لم يُشهر اسم الشركة المتهمة واصحابها ، وما لم يقف المسؤولون عنها أمام القضاء العادل ، كما أنها تبقى مجرد خبر عابر ، ما لم تفتح ملفات الغذاء الفاسد من خلال حملات مدروسة و مكثفة، دون أي اعتبار لعتب “حوت ” كبير ، او غضب تاجر جشع، او تدخُل مُتنفّذ مجهول.
‏لا يخطر ببالي ،أبدا ، أن أستدعي سؤال الأخلاق ، أو أن أسأل عن غياب الضمير العام لدى بعض الذين لا يتورعون عن فعل الحرام ، وإلحاق الأذى بالناس ، لمجرد الحصول على المزيد من الاموال والثروات، هؤلاء الذين دفنوا انسانيتهم في آبار الطمع بلا شبع ، يستحقون ،فقط ، أن نتعامل معهم بسطوة القانون ، تماما كما نتعامل مع اللصوص والبلطجية ، ولنا تجربة قريبة وناجحة في سياق ذلك، حين نظّفنا معظم شوارعنا من قطّاع الطرق، وأصحاب “الأتوات “، وتجار المخدرات أيضا.
‏هذه ليست المرة الأولى ، ولن تكون الأخيرة، التي يداهمنا فيها الفساد الغذائي ، في حزيران العام 2021 كشف ديوان المحاسبة عن إدخال شحنة أرز من الهند ، أظهرت نتائج فحوصاتها المخبرية عن عدم صلاحيتها للاستخدام البشري ، وفي العام ذاته ، أثارت تصريحات لمديرة مختبرات سابقة في مؤسسة الغذاء والدواء ، حول دراسات علمية أجرتها على بعض الاصناف الغدائية، واكتشفت وجود فساد غذائي فيها ،أثارت ردود فعل رسمية وشعبية غاضبة، وصلت إلى أي إحالتها إلى المحكمة، سبق ذلك “فضيحة الدجاج ” (2017) التي اختلط فيها الفساد بالعمل الخيري ، حيث قام مجموعة من التجار بتوزيع دجاج غير صالح على الفقراء ، في شهر رمضان الكريم.
‏ما أقصده أن ملف الفساد الغذائي مزدحم بالوقائع والشواهد ، لكن هذا لا يجرح سمعة بلدنا في هذا المجال ، ولا يقلل من الدور الكبير الذي تقوم به المؤسسات المعنية بالرقابة على الغذاء، نحن نريد أن يكون بلدنا خاليا من أي فاسد، وأن يطمئن الأردنيون على سلامة غذائهم، بل وأكثر من ذلك ، يمكن للأردن أن يكون مركزا إقليميا للأمن الغذائي ، كما قال الملك اكثر من مرة، وفي تقديري أن تشكيل مجلس للأمن الغذائي يصب في هذا الاتجاه .
يبقى أن الحملة على “تجار الغذاء” ضرورية لتذكيرنا بان اي حملة على “الكروش” الكبيرة لن تزعزع “امننا” الاجتماعي والسياسي ولن تزلزل الارض تحت اقدامنا كما يروّج اصحابها المتورطون في الفساد، على العكس تماما ستؤكد جدية “الدولة” في الاصلاح، وستدفع الناس الى الاطمئنان على مستقبلهم والمشاركة في بناء بلدهم ايضا.
باختصار مفيد، تستطيع الدولة –متى ارادت- ان تفرض “رقابتها” على من تشاء، وان تضرب بيد القانون على من يتجاوز مهما كان وزنه ومكانته. نريد، فقط، المزيد لنطمئن أكثر.

editor

Recent Posts

دخلها بدافع الفضول .. مكسيكي يتوه لثلاثة أيام في أنفاق الصرف الصحي

أنقذت السلطات المكسيكية رجلاً عمره 48 عاماً من شبكة الصرف الصحي لمدينة ليفن شمال غرب…

52 دقيقة ago

أوقعت به من خلال “تمرين رياضيات”.. السجن لمعلمة بريطانية حملت من تلميذها القاصر

قضت محكمة في مانشستر في شمال غرب إنكلترا، الخميس، بالسجن ست سنوات ونصف سنة لمدرّسة…

5 ساعات ago

مجزرة جديدة يرتكبها طيران الاحتلال بقصف منزل ببلدة الزوايدة وسط غزة

استُشهد 6 فلسطينيين وأصيب آخرون، فجر اليوم الأحد، في قصف لطائرات الاحتلال، لمنزل بالمحافظة الوسطى…

5 ساعات ago

المرحوم الأستاذ الدكتور عبدالحليم مناع ابو العماش العدوان “ابو فراس” في ذمة الله

فقدت قبيلة العدوان عامة وعشيرة ابو العماش خاصة أحد رموزها و وجهائها الأستاذ الدكتور عبدالحليم…

6 ساعات ago

مولر يلوح بالاعتزال بعد إقصاء ألمانيا من كأس الأمم الأوروبية

ظهرت صور توماس مولر وهو يبكي أمام مدرجات ملعب شتوتجارت أرينا بعد أن أطلق الحكم…

6 ساعات ago

يتجاوز عمره 51 ألف سنة.. أقدم عمل فني تصويري في العالم

خلصت دراسة حديثة إلى أنّ رسماً يمثّل خنزيراً أحمر كبيراً محاطاً بثلاث شخصيات بشرية أُنجز…

7 ساعات ago