منوعات

فلسطيني يبتكر كهرباء من الهواء لتشغيل ماكينة خياطة

ربما تعلمت في المدرسة بشكل نظري عن استغلال الطاقة الحركية لتوليد الكهرباء، لكن هل جربت يوماً تطبيق هذه النظرية بشكل عملي، والاستغناء عن التيار والاعتماد بشكل رئيس على نظرية الحث الكهرومغناطيسي؟

في محافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، استغنى عائد صالحة كلياً عن التيار الكهربائي، وطبق عملياً توفير الطاقة من حركة عجلات دراجة هوائية، واستخدم هذه النظرية فعلياً لتشغيل ماكينة خياطة.

مشهد تطبيقي

ثبت عائد دراجة هوائية متوسطة الحجم على قاعدة حديدية، وربط قرص تشغيل ماكينة الخياطة بحزام مطاطي موصول في عجلة الدراجة الخلفية، وبمجرد تحريك الدواسات يدور محرك الماكنة على الفور.

وفي مشهد تطبيقي للفكرة، جلس طفل عائد على كرسي الدراجة الهوائية، ثم وضع قدميه على دواسات الدراجة لتدويرها، وما إن دارت العجلات وصل التيار الكهربائي لمحرك ماكينة الخياطة، وبدأ الأب “يدرز” ما لديه من قماش.

بعد نجاح التجربة فصل عائد مقبس الكهرباء وألقى به أرضاً، ولم يفعل ذلك العمل الصعب والذي يحتاج لجهد مضين لتوفير التيار، وإنما لانقطاعه عنه بشكل كامل منذ 83 يوماً، أي عندما بدأت إسرائيل حربها على قطاع غزة.

بلا عمل

يعمل عائد خياطاً، ولا يمتهن أي حرفة أخرى، ولا يجيد سوى الجلوس خلف ماكينته، وعند بدء الحرب وانقطاع التيار الكهربائي، بسبب نفاد الوقود الخاص بشركة توليد الطاقة، توقف الرجل عن العمل لمدة أسبوع، لكن ذلك أثر سلبياً على دخله الذي يجلبه بشكل يومي.

كان عائد قلقاً على مصدر رزقه في بداية الحرب، وخاف أن يتوقف عن العمل، وهذا الأمر يعني الجوع المضاعف لبيته، في ظل غلاء وتضخم أسعار المنتجات القليلة المتوافرة في الأسواق المحلية، ودفعه ذلك إلى التفكير بطريقة يضمن فيها قوت يومي لعائلته.

فكر عائد في الحلول البديلة، إذ يقول “حاولت مد الماكينة بكهرباء عن طريق ألواح الطاقة الشمسية، لكن وجدت ذلك غير مجدٍ، لسببين الأول أن الطقس أغلبه غائم ونحن في فصل الشتاء، والثاني لا يتوافر لدي مال لتركيب ألواح شمسية”.

من دروس الفيزياء

اهتدى عائد عن طريق ابنه القاصر للطاقة الحركية، ويضيف “كنت أتابع مع ابني دروسه المدرسية، وفيها كنت أشرح له أحد دروس الفيزياء بأننا يمكننا توليد كهرباء عن طريق الحركة، استفدت من ذلك عملياً وطبقت هذا الأمر على ماكينة الخياطة”.

على رصيف سوق مدينة رفح الصغير، وهي المنطقة التي يصنفها الجيش الإسرائيلي ضمن المناطق الإنسانية، لكنها تشهد غارات عنيفة بين الفينة والأخرى، يضع الخياط آلته لاستقبال الزبائن.

في أول يوم عمل لعائد وجد أن النازحين الذين توافدوا لمحافظته الصغيرة ذات 36 كيلومتراً مربعاً، في ما يفوق عددهم المليون نسمة، بحاجة إلى خياط يمشي أمورهم، يوضح أن أسعار البضائع والملابس في الأسواق ارتفعت بشكل كبير.

ويشير إلى أن الناس بحاجة إلى خياط في المحافظة في ظل اشتداد برودة الجو، كان يتحتم على النازحين البحث عن بديل عن الملابس عن طريق إصلاح القديم منها ووجدوا في عمل عائد شيئاً يساهم في مساعدتهم على ارتداء ملابس قد أصابها بعض التلف أو مهترئة.

حل مشكلة

يؤكد عائد أن هناك إقبالاً كبيراً من السكان والنازحين لإصلاح ملابسهم الشتوية، في ظل عدم توافر مصدر للدخل لشراء الملابس الجديدة مرتفعة الأسعار، مظهراً أن استخدام دراجة هوائية لتشغيل هذه الآلة أسهم بشكل نسبي في حل المشكلة.

وبينما كان يتناوب طفل عائد مع أحد العمال لديه على تحريك عجلة الدراجة الهوائية الموصولة بحزام مطاطي بقرص تشغيل الماكينة، وتمنحها هذه الحركة القدرة على الدوران والعمل، لفت الخياط إلى أن الناس أصابهم الاندهاش.

يشير عائد إلى أن بعض الزبائن كانوا لا يصدقون أن الآلة الموجودة في وسط السوق، من الممكن أن تعمل من دون الحاجة للكهرباء أو المولدات البديلة، لكنه أثبت ذلك في نظريات علمية حولها إلى واقع تطبيقي.

وقود محدود

في الحقيقة، سمحت إسرائيل بعد ضغوط أممية ودولية بدخول مساعدات إنسانية محدودة جداً إلى غزة من بينها الوقود، لكنها خصصته للحاجات الإنسانية وليس لتوليد الكهرباء.

ويقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري “وافق المجلس الوزاري الحربي على دخول الوقود لأجل تشغيل العملية الإنسانية ولضخ المياه وتشغيل شبكات الصرف الصحي فقط”.

بينما يرى المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” كاظم أبو خلف أنه يجب تمرير الوقود لسكان غزة، لأن ضمان تدفقه يسهم في تخفيف العبء نسبياً عن مقدمي الطوارئ ومزودي الخدمات الإنسانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى