عربيعربي ودولي

في الذكرى الاولى لاغتيال ابو عاقلة.. بالكلمة والصورة صحفيون فلسطينيون بمواجهة بنادق الاحتلال

في مثل هذا اليوم من العام الماضي اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفية الفلسطينية في شبكة الجزيرة الإعلامية شيرين أبو عاقلة خلال تغطيتها لأحداث اقتحام مدينة جنين، ليلفت هذا الاغتيال إلى حجم المعاناة والبشاعة التي يتعرض لها الإعلام الفلسطيني على مدى التاريخ حيث قتل منهم حتى الآن 84 صحفيا وصحفية منذ بدء الاحتلال.

وكانت جامعة الدول العربية قررت أن يكون يوم 11 من أيار كل عام يوما لـ “التضامن العالمي مع الاعلام الفلسطيني”، تنفيذا لقرار مجلس وزراء الإعلام العرب في دورته 52 المنعقدة في أيلول الماضي بالقاهرة، وبالتزامن مع ذكرى استشهاد شيرين أبو عاقلة، ليكون يوما لحماية الحقيقة وناقليها.

يروي زملاء أبو عاقلة قصصا لم تكشف عنها شيرين للعلن منها أنها كانت تتلقى كل يوم تهديدات بالقتل من المستوطنين طيلة عملها سواء بالكتابة على جدران بيتها أو في الشارع، مفادها أن “النهاية قريبة”، لكنها لم تأبه لكل ذلك فقد أخذت عهدا بأن تنقل أخبار غطرسة احتلال لأرض فلسطينية، فقاومت كل هذا الرعب حتى استشهدت.

فالأرقام الرسمية تشير إلى استشهاد 84 صحفيا وصحفية منذ بدء الاحتلال، عدا عن الانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين التي بلغت عام 2022 وحده حوالي 907 انتهاكات، من بينها اعتقال 40 صحفيا، منهم 17 ما يزالون في سجون الاحتلال.

وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عادت إلى الأرقام المنشورة على مركز المعلومات الوطني الفلسطيني ووكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” حيث تبين أن شيرين لم تكن الوحيدة في المشهد الإعلامي الفلسطيني التي ذهبت ضحية جريمة قتل غادرة، فهناك 84 صحفيا فلسطينيا وعربيا وأجنبيا، استشهدوا منذ العام 1972 ولغاية العام الماضي، فيما شهد العام الماضي وحده حوالي 907 انتهاكات، من بينها اعتقال 40 صحفيا، منهم 17 ما يزالون في سجون الاحتلال.

على الجانب الشرقي من المعاناة، كان الأردن ومنذ النكبة يقف مع فلسطين ويحاول بكل جهوده وقف الانتهاكات ضد الفلسطينيين بشكل عام والصحفيين والإعلاميين بشكل خاص لدورهم الكبير في نقل وكشف انتهاكات الاحتلال بحق الأرض والمواطن الفلسطيني، وبعد استشهاد أبو عاقلة خصص جلالة الملك عبدالله الثاني منحة كاملة لدرجة الماجستير تحمل اسمها لدى معهد الإعلام الأردني.

وزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة تحدث عن التحديات والمخاطر التي يواجهها قطاع الإعلام الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وضرورة حمايته، موضحا أنه وبالرغم من أن كافة المناطق الفلسطينية ترزح تحت وطأة الاحتلال، وما يواجهه الشعب الفلسطيني من صعوبات في كل منحى من مناحي الحياة، إلا أن المضايقات التي يتعرض لها الإعلام تكون بالطبع أشد خطورة؛ بسبب تواجد الطواقم الإعلامية في مناطق ساخنة ومحفوفة بالمخاطر.

وبين أن الإعلام الفلسطيني ما يزال يشكل عقبة كبيرة أمام الاحتلال لما يبثه من صور مشوهة للكيان المحتل أمام المجتمع الدولي؛ فالإعلام خصم مباشر للاحتلال على الرغم من قيامه بدوره متوخيا الحيادية والمهنية لأنه يبث الصورة الحقيقية للانتهاكات والتجاوزات التي يقوم بها الكيان تجاه المقدسات والإنسان وكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ولهذا فالاحتلال ينظر الى الإعلام على أنه جزء من المقاومة الفلسطينية للاحتلال، فهو المرآة الصادقة لما يجري على الأراضي الفلسطينية.

وقال، يتوجب حصول الإعلاميين على ضمانات تتمثل بالتزام الكيان المحتل بالقوانين وتأمين الحماية لقطاع الإعلام كي يتمكن من ممارسة مهامه بشكل طبيعي، إلا أننا نرى ما يجري من انتهاكات تقع بحق الصحفيين العرب أو الفلسطينيين من إطلاق عيارات نارية وحبس وضرب واعتداء على المكاتب والمقرات والمؤسسات الإعلامية؛ إزاء قيامهم بالمهام الموكلة إليهم، والتي لا تشكل أي نوع من أنواع العنف أو التمرد المبرر لتلك الجرائم.

وأشار إلى أن استشهاد شيرين أبو عاقلة أخذ طابعا خاصا على المستويين العربي والدولي، وفجر مسألة الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة لقطاع الإعلام على الأراضي المحتلة.

واعتبر المعايطة حادثة اغتيال شيرين من الحوادث المفصلية بين الإعلام والاحتلال، وهي من القضايا التي يجب استثمارها بشكل دائم؛ لنؤشر للعالم على القضية الكبرى التي تعد شيرين جزءا منها، وهي المخاطر الواقعة على الإعلام العامل على الأراضي الفلسطينية فلسطينيا كان أم عربيا.

ولفت في هذا السياق إلى أن فلسطين تحظى بمكانة خاصة في الحاضرة الأردنية حكومة وشعبا، تنعكس على تعامل الإعلام الأردني مع الإعلام الفلسطيني بشكل كبير ومتقدم، فهناك تداخل ولحمة تجللها الوحدة والأخوة بين الأردنيين والفلسطينيين فيما يتعلق بالأراضي والمقدسات المحتلة وشتى النواحي والمجالات، بحكم الوصاية الهاشمية على تلك المقدسات، لافتا الى أن منح جلالة الملك “أبو عاقلة” وسام الاستقلال من الدرجة الأولى؛ تكريما لها حتى بعد مماتها، وتسليمه لذويها خلال الاحتفال بعيد استقلال البلاد يأتي في تأكيدا على خصوصية العلاقة الاردنية الفلسطينية.

رئيس تحرير جريدة الرأي الزميل خالد الشقران أكد أن الإعلام الأردني هو الأقرب دائما للإعلام الفلسطيني والمطل أكثر على الحق الفلسطيني والمعاناة الفلسطينية في آن معا لذلك لا يمكن المبالغة بالقول إن الإعلام الاردني يتحيز للقضية الفلسطينية وملفاتها على تنوعها واختلافها.

واستذكر الشقران في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد أبو عاقلة نضال الشعب الفلسطيني وتضحيات الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين على مدى تاريخ القضية الفلسطينية وحجم إجرام الاحتلال والإجراءات التي تمارس دائما ضد الصحفيين من قتل وحجز حرية وقمع واعتداء على الأشخاص والأدوات والأجهزة التي يستخدمها الصحفيون.

وأضاف، إن ما اقترفه الاحتلال بحق ابو عاقلة يشكل سابقة في تاريخ البشرية، قائلا: “شيرين وزملاؤها من الصحفيين الفلسطينيين الذين مورس عليهم هذا العنف دليل وشاهد على إجرام هذا الكيان الغاصب”.

واستحضرت عميدة معهد الإعلام الاردني الدكتورة ميرنا أبو زيد نضال الزميلة أبو عاقلة ومساهمتها في إيصال الصوت الفلسطيني صوت الحق بوجه الاضطهاد.

وأكدت مساهمة معهد الإعلام الأردني بحمل هذه الرسالة من خلال المنحة الذي قدمها جلالة الملك عبدالله الثاني لدراسة ماجستير الصحافة والإعلام الحديث في المعهد لصحفية فلسطينية بهدف الاستمرار بإيصال صوت حاملي هذه الأهداف النبيلة لنيل ما كانت الزميلة ابو عاقلة تدافع عنه واستشهدت دونه.

وقال رئيس قسم الصحافة والاعلام الرقمي بجامعة الزرقاء الدكتور عثمان الطاهات إن فاجعة اغتيال الاعلامية الفلسطينية بقناة “الجزيرة” شيرين أبو عاقلة مناسبة لإثارة انتباه الرأي العام العالمي والنخب الصحفية والاعلامية للتضامن مع مكونات الاعلام الفلسطيني ضد ممارسات الاحتلال الاسرائيلي الهادفة إلى طمس الوجود والهوية الفلسطينية.

واضاف ان الإعلام الفلسطيني يتعرض لأفظع الانتهاكات دون أدنى اعتبار لقواعد وضوابط حماية السلامة البدنية للصحفيين والاعلاميين أثناء أداء مهامهم المهنية في النزاعات المسلحة، مؤكدا أن القضية الفلسطينية ستظل أولوية أردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حامل الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس.

وقال مدير مكتب شبكة الجزيرة الإعلامية في الاردن الزميل حسن الشوبكي أنه ومن أجل الوفاء لدماء الزميلة شيرين أبو عاقلة وبحثا عن العدالة، تواصل شبكة الجزيرة جهودها مع الشركاء الدوليين ومنظمات حقوق الانسان لملاحقة القتلة سيما بعد رفع ملف القضية بالكامل اواخر العام الماضي الى المحكمة الجنائية الدولية.

وأكد أن المحاولات مستمرة للضغط باتجاه إجلاء الحقيقة أمام العالم وهناك من يساند الجزيرة في هذه المهمة المستمرة التي تستهدف بشكل مباشر وقف إشكالية الإفلات من العقاب والتي تمارس بسببها اسرائيل كل جرائمها بحق الصحفيين الفلسطينيين .

وأكد أن عدد الشهداء الصحفيين الفلسطينيين ارتفع منذ نحو عقدين فقط الى 55 شهيدا وشهيدة، وهذا يشير بشكل لافت الى ضرورة توفير الحماية القانونية لمن يقوم بعمله في مهنة الاعلام في فلسطين المحتلة، كي لا يستمر النزيف وحتى لا تصبح هذه الجرائم أمرا اعتياديا بالنسبة للعالم.

وقال، “إن فجيعتنا بمقتل شيرين وحدت جهود الاحرار في العالم من اجل الوقوف في وجه هذه الجرائم التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي منذ 75 عاما”.

وبينت الخبيرة في قضايا حرية التعبير والصحافة والاعلام الدكتورة نهلا المومني إن مسألة حماية الصحفيين اثناء تأدية عملهم تعد من اهم القضايا التي ناقشتها أجهزة الأمم المتحدة خاصة ما يتعلق بالإفلات من العقاب عن انتهاكات بحق الصحفيين.

وتنبع أهمية هذا الأمر من أن هذه الاعتداءات والانتهاكات تمس حرية التعبير وحق الأفراد بالحصول على المعلومات ومعرفة الحقائق في المشهد العام.

وأشارت إلى أن الأمم المتحدة اكدت أن في كل صحفي يقتل أو يمنع من ممارسة مهنته بالترهيب والترويع يفقد العالم شاهدا على الوضع الانساني الصعب.

وأضافت، إن هناك وثيقة هامة دوليا وهي خطة الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب تؤكد اعتماد الأمم المتحدة مجموعة من التدابير الرسمية لضمان سلامة الصحفيين في مناطق النزاع أو المناطق الخالية من النزاع على حد سواء.

وأكدت الخطة أن التحقيقات المتعلقة بالجرائم المرتكبة ضد الصحفيين تبقى من مسؤولية الدول الأعضاء ويتوجب أن تتخذ كل الإجراءات القضائية الفعالة، كما أكدت الوثيقة ذاتها أن الصحفيات يواجهن مخاطر متزايدة تستوجب حماية اكبر وأوسع.

وفي اطار ما يتعلق بقضية الصحفية ابو عاقلة أشارت المومني الى التحقيقات ما تزال تتسم بالبطء خاصة في ظل عدم تعاون دولة الاحتلال، مع التأكيد أن رفع دعوى لدى المحكمة الجنائية الدولية بهذا الخصوص يعد خطوة مهمة في إطار تفعيل ما يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية على المستوى الدولي وإيجاد سوابق تتعلق بمقاضاة من يعتدي على الصحفيين في اطار دولي.

وقال مؤسس وعضو مجلس ادارة مركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور، إن ذكرى استشهاد الاعلامية الفلسطينية ابو عاقلة يجب ان تكون فرصة لتكثيف الجهود لملاحقة الاحتلال الاسرائيلي على جرائمه بحق الصحفيين والصحفيات، فاغتيالها ليست الجريمة الوحيدة التي ارتكبها الاحتلال في سجله المليء بالانتهاكات بحق وسائل الاعلام، وبحق الشعب الفلسطيني.

ودعا الى اعلاء الصوت للمطالبة بأن لا يفلت الجناة من العقاب، مطالبا دول العالم بأن تتحرك لتوفير الحماية للصحفيين والصحفيات في فلسطين.

واشار الى الحاجة الملحة لمراجعة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بما يضمن تطويرها لحماية الصحفيين وتوفير الحصانات اللازمة لهم ولهن والتي تحميهم في زمن الحرب والسلم.

وقال نائب نقيب الصحفيين الأردنيين الزميل جمال اشتيوي، إن الإعلاميين الفلسطينيين يتعرضون لانتهاكات كبيرة من الاحتلال الإسرائيلي من بينها الاعتقال والقتل والتنكيل وإغلاق وسائل الإعلام .

وأشار إلى أن هذه الانتهاكات بأنواعها متواصلة على نحو دائم وتزداد في حالات العدوان الإسرائيلي على أهلنا في الأرض المحتلة، خصوصا عندما يكون هناك أحداث يحاول الاحتلال الإسرائيلي إبعاد الصحفيين وكاميراتهم (الشهود) عنها وعدم نقل الحقيقة للعالم حتى لا يتم فضح وحشية الكيان الصهيوني وعنصريته وجرائمه.

وبين اشتيوي، -وهو نائب رئيس تحرير صحيفة الرأي، أن هذه الانتهاكات ليست فقط لإسكات وطمس الإعلام الفلسطيني بل ومعاقبته بقسوة بضرب جميع الأعراف والمواثيق الدولية في التعامل معه، مشيرا الى أن الصحفي الفلسطيني مشروع شهيد لكنه لا يحظى بأي حماية، فقد سبق وأن قتل الاحتلال أمام عدسات الكاميرات الزميلتين أبو عاقلة وغفران الوراسنة، ومع فقد وصلت الحقيقة للعالم، ولم يستطع الاحتلال إخفاءها أو مواراتها عن الأعين.

وأضاف، بالرجوع إلى الإحصائيات، نجد مئات الصحفيين الفلسطينيين الذين أصيبوا وسجنوا، والعشرات منهم قتلوا، وهو ما يعرقل أداءهم لتقديم الرسالة التي وجدوا من أجلها (القضية الفلسطينية)، فقد استشهد نحو 84 صحفيا فلسطينيا وعربيا وأجنبيا منذ العام 1972 ولغاية العام الماضي.

ولفت إلى دور الإعلام الأردني المتنامي والمتعاظم تجاه القضية الفلسطينية ونصرة الإعلام الفلسطيني باعتباره الإعلام الأول عربيا ودوليا في نصرة القضية الفلسطينية وصحفييها على وجه الخصوص، وهذا يمثل صلب عمل الإعلام الأردني، مشيرا الى أن لوسائل الإعلام الاردني؛ الورقي والمرئي وبعض المواقع الإخبارية مندوبين صحفيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة يغطون الحدث أولا بأول لكشف انتهاكات الاحتلال وتفنيد مزاعمه، مشيرا كذلك الى دور لجنة فلسطين بنقابة الصحفيين في خدم القضية الفلسطينية.

ودعا إلى توحيد الخطاب الإعلامي العربي في مناصرة القضية الفلسطينية أسوة بالإعلام الأردني، متمنيا على وزراء الإعلام العرب أن يضعوا استراتيجية تكفل إنتاج خطاب إعلامي مناصر للقضية الفلسطينية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى