اراء

في عهدة عمان رغم أنف الكيان

ابراهيم عبدالمجيد القيسي

أي احتلال يسعى لتسويق أي سلام مع الشعب الذي يحتل ارضه، لضمان سيطرته على تلك الأرض، إلا الاحتلال الإسرائيلي فهو لا يريد السلام لأنه لم يستكمل بعد مشروعه التوسعي واحتلال المزيد والمزيد من أراضي العرب، وهذه حقيقة ما زال التاريخ يثبتها لنا كل يوم، ولن تكون آخر الحقائق التي أدلى بها رئيس وزراء الكيان المحتل حين أنكر وصاية الأردن على المقدسات في القدس، بينما ما زال الأردن صامدا على موقفه من السلام، ومتشبثا بخطابه القانوني، ولن تكون الجائزة التي تسلمها جلالة الملك مؤخرا تقديرا لجهوده على «طريق السلام»، بل إن سياسة الأردن ومبادئه تنجح كل يوم في إثبات وتأكيد سلامة موقفه وتقدميته بما يخص القضية العربية الإسلامية المسيحية الفلسطينية

 

أحبط الأردن الخطة الصهيونية التي حاول بينيت تنفيذها خلال شهر رمضان المنصرم، ولا أقول الأردن وحده بل أيضا كان للشعب الفلسطيني البطل موقفه، ولمقاومته الشرعية موقفها، وعلى الرغم من عدم وجود تنسيق بين الدولة الأردنية وفصائل المقاومة الفلسطينية، إلا أن الهدف المهم قد تحقق، وحالت الجهود الأردنية دون تنفيذ مخطط اسرائيل بتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا مع المتطرفين اليهود، تمهيدا للسيطرة عليه كليا، وكنا قد تابعنا فعلا جهودا سياسية منذ ما قبل شهر رمضان، تنبه لها الأردن مبكرا ولم تنطل عليه وآثر التنسيق مع السلطة الفلسطينية، وكلنا يذكر الزيارة التي قام بها جلالة الملك لرام الله في الوقت الذي رفض فيه الأردن الدخول في شرك اسرائيل الذي نصبته تحت شعار تخفيف بل تحييد الرفض الفلسطيني والمقاومة من عمليات اقتحام المسجد الأقصى من قبل المتطرفين الصهاينة وبمساعدة جيش وشرطة الاحتلال

 

كل الولاية والوصاية على كل المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس للأردن، وللملك الهاشمي على وجه التحديد، ويشرف عليها أوقاف أردنية وعدد موظفين يتجاوز 800 موظف، يتلقون رواتبهم من الدولة الأردنية، وهذه حقيقة ثابتة على الأرض وفي القانون، ومهما اتخذ الاحتلال المجرم من قرارات فهي من طرف واحد ومرفوضة وتحصيلا حاصلا مادامت القدس مدينة تحت الإحتلال، حيث لا شرعية ولا قانون دوليا يعترف بتلك الإجراءات والقرارات الإسرائيلية، والوضع القانوني لتلك المقدسات هو الذي لم يشمله حتى اليوم أي اتفاق سلام واتفاق دولي، فهو بهذا المعنى عدوان على صلاحيات وحقوق وقوانين لن يجد من يقره أو يعترف به، ما دامت الأردن متمسكة بالوصاية الهاشمية على المقدسات.. وهذا موقف اردني لن يتغير مطلقا، مهما حاولت اسرائيل و «أصدقاؤها» ومهما ضغطوا وفاوضوا

 

اللغة القانونية والسياسية التي يعتمدها الأردن أقوى وأهم من كل ما عداها، فهذا حق اردني ثابت ولا يقبل تأويلا ولا شرحا وتفسيرا، وقلنا وما زلنا نؤكد بأن الأردن طرف قوي وقانوني للدفاع عن حقوق الأمة العربية والإسلامية في مقدساتها الموجودة في القدس، كما هو داعم ثابت وأصيل للحقوق الفلسطينية، التي ما فتىء الأردن يتلوها على مسامع كل العالم، كل مناسبة، وأهمها حق الفلسطينيين ببناء دولتهم المستقلة القابلة للحياة، وعاصمتها القدس التاريخية، وحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بلدهم وأراضيهم، رافضا لكل محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حسابه أو على أي حساب آخر، مؤكدا أن على دولة الإحتلال مسؤوليات تجاه الشعب الذي يحتل ارضه

 

تهريج رئيس الحكومة الإسرائيلية وتصريحاته العدوانية لن تقدم أو تؤخر بالنسبة للموقف الأردني، لكنها وشاية عن حقيقة ثبات وصمود الأردن، وعمق تأثيره في إفشال كل المخططات العدوانية الإسرائيلي، فالأردن، ما زال، هو الدولة العربية الوحيدة التي تقف بالديبلوماسية والقانون ضد اسرائيل، وتتحمل وحدها تبعات هذا الموقف، الذي يعبر عن مصداقية الأردن وشجاعة ومصداقية جلالة الملك، وعدم قبوله او رضوخه لأشكال الضغط والابتزاز المختلفة، التي تقوم بها اسرائيل و»معاونوها»

 

كلا؛ وألف كلا، للتوطين وللوطن البديل وللتنازل عن الوصاية على المقدسات في القدس وغيرها من الثرى العربي الفلسطيني، وكل المحاولات الإسرائيلية تغدو بائسة وتضيق الخناق على اسرائيل، وتحفز المجتمع الدولي والفلسطينيين لمزيد من الإصرار على إنهاء الاحتلال والإسراع به لملاقاة مصيره المحتوم، وهو مصير كل احتلال كما يقول التاريخ

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى