احداث اقتصاديةاقتصادالاخبار الرئيسية

قانون الجرائم الالكترونية والدور المهم في تعزيز البيئة الاستثمارية للاردن

يرسل رسائل تطمين للمستثمرين حول سيادة القانون

كتب محمود الدباس – دفعت الحكومة الاسبوع الماضي بمشروع قانون الجرائم الالكترونية الى مجلس النواب تمهيدا لمناقشته واقراره وفق القنوات الدستورية.

القانون الذي اثار الكثير من ردود الافعال وتمحور الحديث عنه حول المواد التي قيل انها مقيدة للحريات وما تضمنه من مصطلحات قانونية فضفاضة اثارت العاملين في الصحافة والاعلام على وجه التحديد.

الا ان القانون بمجمله لم يأخذ الكثير من الاهتمام حول الجوانب القانونية التي اتى عليها من تجريم افعال متعلقة بالقرصنة الالكترونية والامن السيبراني وحماية بيانات الشركات والمؤسسات العامة والخاصة.

فكان الحديث عن القانون في اضيق الحدود وربما تم مناقشته بسطحية مفرطة ، ولدت انطباع سلبي حول القانون بمجمله.

وفي هذا التحليل اردت ان نلقي الضوء سويا على الاثار السلبية المترتبة على جرائم تقنية المعلومات والاتصالات والقرصنة الالكترونية وجرائم الاحتيال المالي المتعلقة بالشركات والبنوك والمؤسسات العامة ، وما يمكن ان تتعرض له من هجمات تستهدف اختراق بياناتها ، وتعطيل اعمالها.

ومن المفيد القول ان الشركات والبنوك والمؤسسات العامة والخاصة تستثمر مئات الملايين في بناء انظمتها وشبكاتها والبرامج التي تعمل من خلالها لتقديم خدماتها للجمهور.

هذا بالاضافة للانفاق العالي على برامج الحماية لهذه الانظمة والبرامج ، والتي تعد ضرورية لمنع اختراق هذه الانظمة وحماية المعلومات التي تتضمنها ، وتجنيبها القرصنة الالكترونية.

وهذا ما يعطي القانون اهمية كبرى في توفير احكام قانونية مغلظة على الافراد والمؤسسات التي تنتهج سلوك جرمي وتهدد مصالح المواطنين والشركات والمؤسسات العامة.

ومن القراءة الاولية لمواد القانون المتعلقة بتجريم الافعال المتعلقة باختراق البيانات والتلاعب بها وحجبها او حذفها نجد ان المشرع لم يتجاوز السقوف الدنيا للغرامات المترتبة على هذه الجرائم بل كان من الاجدى ان يضاعف هذه الغرامات ويربطها بالتعويض المدني المتناسب مع الجرم المرتكب.

فهل تتناسب الغرامة المترتبة على العبث بانظمة البيانات للبنوك والشركات والمؤسسات العامة التي استنزفت الملايين في سبيل بنائها وانشائها مع الخسائر الهائلة المترتبة على اختراقها وحذفها والعبث بهذه الانظمة وكلفة اصلاحها واستعاد البيانات المتضررة؟؟

يرى اقتصاديون ان تجريم الافعال الواردة في القانون بحاجة للكثير من الفهم الحقيقي للاثار المدمرة على المؤسسات الاقتصادية والعامة جراء هذه الافعال ، ومن السهل ان يتم في حال ضبط مرتكب الجريمة ان يقوم او تقوم الجهة التي جندته لهذه المهمة بتسديد قيمة الغرامة والتي بلغ اقصاها 50 ألف دينار.

ان وضع هذا القانون يعتبر لبنة اساسية في سياق تعزيز المناخ الاستثماري في المملكة ، ويرسل رسائل تطمين للمستثمرين من الشركات الاردنية والاجنبية ، بأن سيادة القانون امر اساسي في سلم اولويات الحكومات الاردنية ، وانها تضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التطاول على القانون.

ومن الغريب ان تقفز بعض المنظمات والجهات والافراد عن هذه الحقيقة.

حيث ان مشروع القانون سيكون مظلة حماية لكل المتعاملين مع الشبكة العنكبوتية من شركات وبنوك ومؤسسسات عامة ووسائل اعلام.

لا بل من المهم ان تكون مطالب كل هذه الجهات تلك بتغليظ العقوبات على الافعال المرتكبة لاختراق انظمتها وبرامجها ومواقعها.

وكان من المفروض على وسائل الاعلام الاكثر عرضة للهجمات والقرصنة ، ومن منطلق معاناتها مع هذه الجرائم التي تستهدف استمرارية عملها ، وما تقوم بانفاقه على برامج الحماية من الهجمات التي تستهدف هذه المواقع الاخبارية، وكذلك انتحال صفحات اسماء تلك المواقع الاخبارية وبث اخبار مضللة من خلالها وتضررها من ذلك، ان تقف بقوة في جانب اقرار هذا القانون ، بصفتها المتضررة من الافعال المرتكبة وتطالب بتحصين كل المؤسسات والشركات ضد هذه الهجمات الاعتداءات وتلك القرصنة.

في نهاية المطاف يجب النظر الى القانون بأنه اجراء وقائي وتحذيري للمجرمين ، وعدم وضعه في دائرة نظرية “المؤامرة” على الحريات العامة ووسمه بانه قانون يعادي الحريات وتسويقه وفق نظرية “المجتمع متهم الى ان تثبت براءته” .

فالقانون والعقوبات وضعت لمن يخالفها ويضر بمصالح المجتمع والقطاعات الاقتصادية المختلفة ، وبالتالي فإن التصدي لهذا القانون بمجمله بدون تمحيص او تدقيق ، سيكون له ابعاد وانعكاسات تضر بالبيئة الاستثمارية في الاردن وترسل رسائل سلبية بأن هناك من يدافع عن الجرائم الالكترونية واختراق بيانات المؤسسات والشركات ، لا سيما عند الحديث عن ضرورة تخفيض العقوبات المالية الواردة فيه ، بالنظر لهول الخسائر المتوقعة والمترتبة على الشركات والمؤسسات جراء تعطيل انظمتها والعبث بها.

لماذا لا يتم اخذ اراء الشركات والبنوك وشركات تقنية المعلومات وشركات الاتصالات حول حجم الانفاق على حماية البيانات والمشكلات الحقيقية التي تواجهها لوقف القرصنة الالكترونية ، التي تستهدفها في كل ثانية وفي كل يوم وبأساليب تكنولوجية حديثة يصعب شرحها للعامة ، وتعمل بشكل مستمر على ايجاد وسائل حماية مبتكرة لمجابهة مثل هذه الجرائم الكبرى ، وما تتطلبه من ميزانية مالية لتغطية هذا الجانب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى