اراء

قبل ان تنطلق الورشة الاقتصادية الوطنية هذا ما يريد المواطن ان يلمسه

اعلن جلالة الملك عبدالله الثاني أمس لدى لقاءه عدد من الشخصيات الاقتصادية عن الاهمية التي ينظر اليها جلالته من خلال عقد ورشة اقتصادية تنطلق في الديوان الملكي السبت المقبل.

حيث أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أهمية ورشة العمل الاقتصادية الوطنية تحت عنوان “الانطلاق نحو المستقبل: تحرير الإمكانيات لتحديث الاقتصاد” ، والتي ستعقد  على مدى خمسة أسابيع، وتجمع حوالي 300 من الاقتصاديين وأصحاب الاختصاص.

هذا العنوان العريض والعميق والمتضمن لكل الاطر الاقتصادية الممكن ان تنهض بالاقتصاد الاردني ، وتأكيد جلالته على ضرورة ان تساهم توصيات الورشة في تسريع النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، وتحسين الخدمات، وتمكين القطاعات المعنية، موضحا أنه لا بد من المتابعة والجدية والالتزام لتحقيق الإنجاز.
وتشديد جلالته على أهمية تضافر الجهود ومواصلة التعاون والتنسيق بين جميع مؤسسات الدولة لتنفيذ المشاريع في العديد من القطاعات الحيوية، التي تساهم بالحد من البطالة. وأشار جلالة الملك إلى أهمية الاستفادة من العلاقات المتميزة التي تربط الأردن مع دول الإقليم، وتعزيز تنافسيته.

اذا فالورشة الاقتصادية لا بد ان تكون ارضية صلبة لانطلاقة جديدة وفعل ملموس على الارض ، لا ان تبقى توصيات يتم وضعها في الادراج وتصبح ذكرى مثل باقي الاستراتيجيات والخطط التي مرت علينا ولم نشاهد لها اي اثر واقعي وعملي.

ولكل ما سبق ومع الاخذ بالاعتبار الاهتمام الملكي بمجريات ونتائج هذه الورشة بالاضافة الى ما سبق خلال الشهور الماضية من توجيهات ملكية للحكومة وللقطاع الخاص بالاهتمام بالمشروعات ذات القيمة المضافة في الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات واستثمار رأس المال البشري الذي يتميز به الاردن بشكل خاص.

فإذا كانت الارادة السياسية من رأس الدولة ممثلة بجلالة الملك متوفرة وداعمة ومشاركة في التفكير والتوجيه ، فما على الحكومة والقطاع الخاص الا الانخراط في جهد وطني خالص بشراكة حقيقية تؤتي اكلها ويلمسها المواطن الاردني من خلال انجاز اطارات قانونية توفر الدعم للمشروعات الوطنية وتكون رافعة لانطلاقة اقتصادية تؤسس الى بيئة تشريعية في مجال الاستثمار تمكن من جذب الاستثمارات المحلية وتحميها وكذلك الاستثمارات العربية والاجنيبة وفق خارطة استثمارية واضحة المعالم تكون مكملة وداعمة للمشروع الاقتصادي الوطني بشكل شفاف وواضح.

الخارطة الاستثمارية هي المنطلق السليم لتحديث الاقتصاد الاردني وفق اولويات تنعكس بالضرورة على زيادة فرص العمل والتي هي الحل لمشكلة البطالة والفقر ، وبالتالي تحسين القوة الشرائية للمواطن الاردني لينعكس كل هذا على ربحية المشروعات الاقتصادية القائمة او الجديدة.

كما يجب الاستفادة من الموقع الجغرافي للمملكة في جذب الاستثمارات للشركات العالمية وتوفير بيئة استثمارية منافسة وتفضيلية في ظل المنافسة الاقليمية والتسهيلات التي تقدمها دول مجاورة للمستثمرين.

واذا ما نجحنا في هذا الامر فإن ذلك يعني ان نوطن الاستثمارات ذات الصبغة التصديرية للدول المجاورة ودول العالم واعتبار الاردن منطقة اقتصادية خاصة معفاة من الضرائب والرسوم للمشاريع التصديرية ، والاستفادة من الامكانيات التقنية الحديثة التي تمتلكها الشركات الاجنبية ، وهو ما يعني توظيف الكفاءات الاردنية والاستفادة ايضا من الخبرات التي سيتم نقلها للاردنيين عبر تلك الشركات ، التي ستستفيد من الموقع الجغرافي والبيئة الاقتصادية الامنة لنمو تلك الاستثمارات من خلال اقامة مصانع كبرى كفروع للمصانع الام ، تخفض كلف النقل وكلف الانتاج.

ويجب ان توضع على الطاولة للنقاش خلال الورشة الاقتصادية مشاريع كبرى تعد فرصة استثمارية هائلة تحرك الاقتصاد الاردني برمته وتسهم في نهضة عمرانية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.

ومن المشاريع التي من الممكن ان تحظى باهتمام المستثمرين الدوليين ، اقامة مدينة او مدن جديدة تخفف من الازدحام السكاني في المدن التقليدية مثل عمان والزرقاء واربد ، وتسهم في سحب الكتل السكانية الى مناطق فارغة وغير مستغلة. وهذه المشاريع سوف تكون محركة لكل القطاعات الاقتصادية ويستفيد منها الجميع وتسهم في تحقيق النمو الاقتصادي المنشود.

كذلك الاستفادة من الموقع الجغرافي للمنطقة المجاورة لموقع استخراج الغاز الطبيعي في منطقة الريشة،  في اقامة مدينة صناعية مهيئة لغايات التصدير للعراق ودول الخليج وسوريا.

بما سوف توفره من فرص عمل كبيرة وتنمية المجتمع المحلي هناك من خلال اقامة مشاريع خدمات مساندة من مطاعم ومساكن ومحلات تجارية تسهم في تطوير المنطقة واحياءها .

المواطن الاردني لم يعد يثق كثيرا بالمؤتمرات والندوات وورش العمل التي تعقد والتي لا يرى منها الا اللقاءات البروتوكولية وكمية كبيرة من الاوراق التي تطبع عليها الخطط والتوصيات والتي يكون مصيرها في الغالب الاهمال والنسيان .

ولذلك فإن المواطن الاردني ما يطلبه من الورشة الاقتصادية الوطنية المزمع عقدها السبت القادم ان يلمس بشكل فعلي قرارات ومشاريع تحقق له نقلة نوعية في مستوى معيشته وان يرى النتائج على شكل وظائف تدر دخلا عليه وتخفف من اعداد العاطلين عن العمل.

وكذلك فإنه ينتظر ان ينخرط المشاركون في الورشة بعمل جاد وحثيث لمعالجة الخلل بالعبء الضريبي المترتب عليه والذي يشكل عبء اضافي ، بات لا يحتمله ، مع ما يواجهه من تآكل القوة الشرائية.

وهذا يتطلب اعادة النظر في ضريبة المبيعات وتخفيضها لانها المدخل الرئيسي لتحسين البيئة الاقتصادية وتخفيض كلف الانتاج وبالتالي انعكاس ذلك على سعر المنتج النهائي الذي يتحمله المواطن الاردني “المستهلك” وكذلك فإن ضريبة المبيعات تحد كثيرا من تنافسية الصناعة الاردنية في الاسواق الخارجية وتجعلها خارج المعادلة مع مثيلاتها من دول العلم التي تستفيد من الاعفاءات الضريبية والحوافز الاخرى وفي مقدمتها تخفيض كلف الطاقة على القطاع التجاري والصناعي والسياحي.

نتمنى ان نشهد بعد انتهاء الورشة نتائج مختلفة عما سبق ونرى التوصيات تذهب في طريق التنفيذ عبر حزمة قوانين وتعليمات وتعديلات على القوانين الحالية .

لان الوضع لم يعد يحتمل اي تأخير او تلكؤ او شراء للوقت بشكل عبثي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى