الاخبار الرئيسيةعربيعربي ودولي

قرار الاحتلال بإلغاء فك الارتباط مع شمال الضفة.. ما الدلالات والتداعيات؟

أجمع خبراء أردنيون على أن القرار المفاجئ للاحتلال الإسرائيلي، بإلغاء قانون فك الارتباط مع شمال الضفة الغربية، أمس، هو تقويض لقيام دولة فلسطينية.

وجاء قرار الاحتلال عقب إعلان 3 دول أوروبية، إسبانيا، ايرلندا والنرويج الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، في خطوة أثارت ردود فعل ترحيبية حول العالم، لكنها أغضبت الاحتلال الذي يمثل قراره إعلانا لـ”إطلاق يد الاستيطان” مجددا في الضفة الغربية.

ويرى المحلل والكاتب السياسي، عريب الرنتاوي، أن قرار الاحتلال يعني إطلاق يد الاستيطان والمستوطنين في مناطق الضفة الغربية وهي المناطق التي جرى تجميد الاستيطان فيها منذ عام 2005.

ويضيف الرنتاوي من الناحية القانونية فإن هذه المناطق وفقا لقانون فك الارتباط الذي صدر عام 2005، تعني أنها خارج سيادة “دولة الاحتلال” ولا يجوز بناء مستوطنات فيها أو مدها بالخدمات أو شرعنتها، وبالتالي فإن الغاء هذا القانون يعني اعطاء “الحق” للمستوطنين بإعادة استيطان الضفة الغربية.

وتابع: إن القرار ليس رد فعل على اعتراف دول أوروبية بدولة فلسطينية، إنما هو قرار “مبيت” داخل الكابينيت الإسرائيلي، ويعكس الهستيريا اليمينية الإسرائيلية التي تحلم أن ترى فلسطين خالية من الفلسطينيين.

وحول تداعيات هذا القرار على الأردن، يعتقد الرنتاوي أن تقويض قيام دولة فلسطينية هو تهديد للأمن القومي الأردني، مضيفا أن الفلسطينيين أثبتوا صمودهم وتمسكهم بأرضه ورفضه للتهجير، لافتا إلى تصريحات وزير الداخلية، مازن الفراية، الذي تحدث بها عن أن حركة الجسور لا توحي بوجود هجرة من الضفة الغربية إلى الأردن.

وشدد على أنه “يجب أن نميز بين نوايا الاحتلال وبين وعي الفلسطينيين وصمودهم وتمسكهم بأرضهم وتعلمهم من دروس التاريخ”.

وكان وزير الحرب في حكومة الاحتلال يوآف غالانت، أعلن إلغاء قانون فك الارتباط بشمال الضفة الغربية المحتلة، تبعها إجراءات ضد السلطة الفلسطينية أصدرها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بوقف إصدار التصاريح الخاصة التي تمنح لشخصيات بارزة في السلطة الفلسطينية، ووقف تحويل أموال الضرائب إلى خزائن السلطة الفلسطينية حتى إشعار آخر، في خطوة تضاف إلى رصيد ممارسات الاحتلال في والتوسع والاستيطان والاستعمار.

والقرار الإسرائيلي جاء كخطوة استباقية على هامش حراك دبلوماسي أوروبي تقوده دول إيرلندا، إسبانيا والنرويج والذي يقضي بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران(يونيو) 1967.

وسيدخل القرار حيز التنفيذ في الـ 28 من شهر أيار (مايو) الحالي، في سياق حل للقضية الفلسطينية يقوم على حق للفلسطينيين بإقامة دولة لهم، لا سيما ما أحدثته معركة “طوفان الأقصى” من تبدل جوهري في الرأي العام العالمي وفي موازين القوى.

ويؤكد ذلك ما صرح به أستاذ العلوم السياسية في جامعة البلقاء التطبيقية، خالد شنيكات، بأن القرار المعلن أمس بمثابة إجراء استباقي لما صدر عن دول مثل إسبانيا والنرويج وإيرلندا وبعض الدول الأوروبية التي لحقتها وأيدت حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين، وبالتالي فإن قرار غالانت إجهاض لهذا المشروع، وهي ردة فعل بوجه هذه البلدان.

يعني ذلك أن سياق القانون يحدث على ايقاع شعار يهودية الدولة الذي رفعه الليكود منذ عام  1978 مانحا الضفة الغربية اسم “يهودا والسامرا” في محاولة لإضفاء بعد يهودي ديني على المكان وانتزاع حق تاريخي به.

وتبع ذلك ممارسات على أرض الواقع بسياسات الضم وتوسعة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية إذ يبلغ عددها اليوم 202 بؤرة استيطانية تبدو وكأنها مدن كاملة ولها اتصال جغرافي مع أراضي الداخل المحتل عام 1948 يعيش فيها نحو مليون مستوطن، وإعطاء الضمانات الأمنية التي يريدها الاحتلال وهو ما صرح به غالانت إن “السيطرة اليهودية على الضفة الغربية تضمن الأمن”، وأيضا على إيقاع إجهاض أي فكرة نحو قيام دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية المعترف بها رسميا دوليا وفي اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

وفي الرجوع عام الى الخلف أثناء مخاض تشكيل الحكومة الإسرائيلية الخامسة، نرى أن قانون الغاء “فك الارتباط” كان قد اتخذ في آذار (مارس) 2023 ضمن محاولات نتنيناهو كسب تأييد اليمين الإسرائيلي لتشكيل الحكومة، وقدر صادق الكنيست وقتها على مشروع القانون وشرعنة 9 بؤر استيطانية في الضة الغربية.

ويسمح هذا القانون بعودة المستوطنين إلى أربعة مستوطنات جرى تفكيكها وهي “غانيم”، “كاديم”، “حوميش” و”سانور “ومعسكر “دوتان-عرابة” لجيش الاحتلال، و4 مستوطنات أخرى في قطاع غزة كان يقطنهم نحو 10 آلاف مستوطن وذلك بقرار أحادي الجانب اتخذه رئيس وزراء الاحتلال الأسبق ارئيل اشرون عام 2005، ضمن مساعيه لإحياء عملية السلام كما زعم آنذاك.

ما هي المستوطنات الأربع التي تناولها القانون؟
المستوطنات الأربع التي سيتم إعادة بنائها في الضفة الغربية تشكل ثقلا ومركزا استراتيجيا في حسابات الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة المكانية على الضفة الغربية، إذ تصنف “حومش” بأنها أهم المستوطنات الأربع وأكبرها مساحة، وأقيمت عام 1978 فوق أراض لقرية برقة شمال نابلس وأخرى تعود لبلدة سيلة الظهر المجاورة، وهي تتوسط مدينتي جنين ونابلس وتطل على الشارع الرئيسي الواصل بين المدينتين بمساحة تبلغ 4 آلاف دونم.

“مستوطنة كديم” أو “قاديم” كما تعرف، اشتق اسمها من قرية “بيت قاد” الفلسطينية المجاورة، وتتوسط المستوطنة مدينة جنين وبلدة قباطية جنوبا، وقرى أخرى محيطة، وأقيمت عام 1981 على حوض رقم (1) من منطقة “خربة غنام” من أراضي تصنف بأنها “خزينة دولة وأحراش” بمساحة تزيد على 160 دونما، وأخرى تعد أملاكا خاصة في قباطية، ثم امتدت لتسيطر على نحو 400 دونم، وهي بالاتجاه المقابل لمستوطنة “جانيم”، وعلى بعد كيلو متر واحد منها، والتي أخليت معها أيضا.

وأقيمت “جانيم” التي اشتق اسمها من جنين عام 1983 على أراضي عدد من القرى الشرقية لمدينة جنين، ومنها دير أبو ضعيف وأم التوت وعابا وخربة سبعين ومنطقة عرب السويطات، فوق أراض صُنفت بأنها “خزينة دولة” على مساحة 185 دونما بشكل مباشر، ثم تم مصادرة لاحقا 1863 دونما من أراضي المواطنين في القرى المذكورة.

وعلى ذات الشارع الرئيس الواصل بين نابلس وجنين وبالقرب من قرى جبع والفندقومية وعجة، أقيمت مستوطنة ترسله أو “سانور” كما أطلق عليها الاحتلال لقربها من بلدة صانور المجاورة.

وترسله أو “ترس الله” هو اسم كنعاني قديم ويعني القوة والمنعة، وهي محمية عسكرية بناها القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي لصد الصليبيين بقيادة ريتشارد قلب الأسد حين كانوا في طريقهم للقدس عام 1187 ويرى المؤرخ والباحث الفلسطيني، نواف الزرو، أن “فلسطين مستباحة ومحتلة بالكامل، وأن قرار فك الارتباط في الأساس شكلي، معتبرا أن الاحتلال لا يأبه بأي قانون”.

من جانبه، أكد الدكتور واستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، محمد المصالحة، أن عسكرة الضفة الغربية والاستمرار بالاستيطان والسياسات العنصرية  لها ارتدادات ممكنة على الأردن عبر موجات نزوح سلسة أو مستترة.

وأشار المصالحة إلى أنه على الأردن أن يتصدى لأي محاولات تهجير نحو أرضه مؤكدا أن الفسطينيين متمسكين بأرضهم وهو ما أثبته في غزة.

–الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى