Categories: اراء

قصة أسطورة من وطني!

نضال المجالي

ليس بالضرورة أن تكون قائدا لمعركة أو مؤرخا أو عالم ذرة، وليس بالضرورة أن يكتب عنك الكتاب في أعمدة الصحف اليومية أو تدونك سجلات التاريخ أو أن تكون قد حققت رقما قياسيا لإنجاز ما، أو حتى لو ذهب بك الأمر أن تكتب صفحات سيرة حياتك بيدك وتعظمها بقصص من الحقيقة أو الخيال لبطولاتك الشخصية وكل ذلك لتقنعنا أنك اسطورة! فأحيانا يكفيك أن تكون مواطنا صالحا يقوم بواجبه على أكمل وجه بصدق وأمانة وتوازن بالحقوق والواجبات فتكون أسطورة، لا تنشد بعملك اسما على الصفحة الأولى للجريدة، أو تتناقلك منصات التهويل الاجتماعي، أو تلتقطك كاميرات المتابعين، بل لا تطلب أكثر من أن يدعو لك بالخير والبركة والفلاح مواطن لم يجد لإنهاء معاملته الرسمية أو الخاصة أو حل لمظلمته غيرك سبيل، دون أن يسعى لاتصال مسبق أو أن تكون أنت مسؤول مهم، فتبادر لتقدم له حقوقه وامتيازاته كاملة دون نقصان وبإتقان لتكون أنت أسطورته بحق دون تزييف.

في وطني آلاف القصص لمن سجلوا أنفسهم « أسطورة» ولم نعلمهم أو نسمع حتى بهم، أسطورة لأشخاص لم يرشحهم مسؤول لجائزة ولم تذكرهم مؤسسة لتكريم، فهم قصص لمن آمن بالعمل لأجل الخدمة العامة وإن قابلها راتب شهري من دنانير تسد رمقهم وتمنع عنهم العوز والسؤال، قصص من نذروا أنفسهم تطوعا لخدمة أو مشورة أو مشاركة، قصص لعسكر على الحدود أو مسعف في حادث، قصص لمعلم أعطى بضمير وعامل وطن أسهم بتغيير، وصحفي كتب بضمير، وغير ذلك من الأمثلة الكثير، ولا ننكر جزءا من قصص لكبار قدموا نجاحا واستثمارا وحضورا للوطن، حققوا ما أرادوا ولكن رفعوا وأسهموا في نمو وبناء، وأصروا أن يبقوا دون تهويل وتعظيم، قصص الأسطورة من وطني متنوعة ومتعددة لا تنتهي وتستمر، وهم من أكتب لهم اليوم، فهم من تراب وطني، هم ملح الأرض وزيت السراج المنير، هم من يسندون ويعززون الاستمرار، وقد نكون برحمة الرحمن

وبإذنه تعالى بهم نسير، ينتشرون في كل مكان وزمان ويهتمون بكل حجر وإنسان، لا يحتاجون غير أن نقدر دورهم ونعزز حضورهم وندعم استمرارهم، قصص نحن نعلمها ونعيشها يوميا لشخوص نؤكد مكانة وأهمية دورهم، وأحيانا يكفيهم أن نكف أيدينا وأعيننا حسدا أو كرها أو سعيا لمصلحة خاصة عن مكانة دورهم ورزقهم.

نعم؛ما نحتاجه ليس صناعة الأسطورة ! فهم من صنعوا أنفسهم سلوكا وتربية وممارسة مجتمعية ووطنية، ما نحتاجه هو تكريس الخدمة والعطاء والإشارة لكل تميز دون تحيز، ما نحتاجه غرس قيم الصدق والعمل والمواطنة والأمانة في الجيل الناشئ، ما نحتاجه منهاجا مدرسيا وتدريبا سلوكيا وذهنينا ونماذج نجاح من مجتمع بسيط، وإن كنا على المستوى الحكومي قد أسهمنا جزئيا بذلك من خلال عشرات الجوائز التي انطلقت وتأسست تقديرا للموظف وبمسميات كثيرة، وقد شهدنا فيها الحافز ولمسات الفرح في كل موسم يتم الإعلان فيه عن الأسماء. ولكن! هل تكفي؟ وهل من الضرورة توسيع شريحة من يشار لهم بالبنان من غير الموظف الحكومي؟ وهل يكفيهم ما قدمناه لهم؟ وهل الأسطورة تعلن وتسجل ونهتم بها مرة في العام؟ أسئلة كثيرة وإجابتها واحدة تتمثل أن الدور في هذا الجانب متواضع ومحدود وفيه قصور، وفي بعضه محاباة ومقصود، ويحتاج قراءة بمستوى مشروع وطني متكامل، وأراه أجدى بأن يُشكل له هيئة منفصلة، ولكن بشرط أن يتم تعيين قيادات الفكر والتنفيذ فيها من أصحاب قصص الأسطورة الحقيقية في وطني وهم كثر فلا تصدقوا أنهم ليسوا بيننا.

editor

Recent Posts

الخرابشة: سيتم استكمال تبديل وحدات الإنارة في بلديات المملكة بوحدات موفرة للطاقة “ليد”

أكد وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور صالح الخرابشة، اليوم الثلاثاء، أنه سيتم استكمال تنفيذ مشروع…

22 دقيقة ago

لأول مرة في المملكة باشرت أورنج الأردن بإطلاق “خدمة التوثيق الإلكتروني الذاتي”

في إطار سعيها المستمر للمساهمة في جهود التحول الرقمي في المملكة وتقديم أفضل الخدمات لزبائنها…

40 دقيقة ago

بدء تسجيل الطلبة في مديرية التربية والثقافة العسكرية في 8 تموز

أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي/ مديرية التربية والتعليم والثقافة العسكرية، بأن…

49 دقيقة ago

ولي العهد يعزي بوفاة نجل شقيق رئيس هيئة الأركان المشتركة

قدم سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، الثلاثاء، واجب العزاء بوفاة الشاب يزيد…

ساعة واحدة ago

عبور 50 شاحنة مساعدات إنسانية أردنية من ضمنها براد وحدات دم إلى غزة

عبرت قافلة مساعدات إنسانية جديدة للفلسطينيين في قطاع غزة تم تسييرها من قبل القوات المسلحة…

ساعة واحدة ago

“صناعة الأردن” تبحث تعزيز العلاقات مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي

بحث رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الجغبير، مع رئيس الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي…

ساعة واحدة ago