Categories: اراء

“قضية الفتنة”.. انتهت سياسيا وتبدأ قضائيا

الأردن بلد مستقر سياسيا ، فخلال الـ 100 عام من عمر الدولة الأردنية لم نشهد أي محاولات داخل العائلة المالكة لزعزعة الحكم، فكان انتقال الحكم يسير بسلاسة ودون أي لغط وكان الدستور الأردني هو الضامن لهذا الانتقال؛ حيث إن انتقال الحكم منصوص عليه بشكل واضح ويكون من الأب للابن الأكبر وهذا الذي حدث خلال جميع الفترات.

العائلة الحاكمة في الاردن تحظى بإرث تاريخي يمتد للرسول محمد (ص) ونسبها ثابت، وأسلوب حكمها يقوم على الاندماج مع المجتمع والاحترام والتواضع، فلم يسجل عليه إراقة دماء ولا تصفيات جسدية ولا حتى انتقام من المعارضين،لا بل أصبح أشد المعارضين مشاركين في إدارة البلاد في مراحل مختلفة.

قضية الفتنة؛ والتي عادت للواجهة بعد نشر مقال مطول على لسان صحفية الغارديان البريطانية والتي روت قصة تحدثت في تفاصيل الازمة ووضحت نقاطا كان الكل يسأل عنها، فنلاحظ كيف تم تفصيل أدوار أصحاب العلاقة في تلك القضية والتي قادها رئيس ديوان ملكي سابق وشريف من الأشراف بالتعاون مع جهات خارجية دولية وإقليمية كان لها مصلحة في زعزعة الحكم في الأردن لكي يتوافق مع مخططاتها في المنطقة.

الجميع يعلم كمية الضغط الذي مورس على الملك عبدالله للقبول في بنود صفقة القرن والتي كان يقودها الرئيس الأميركي السابق ترامب وصهره كوشنير بالاتفاق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والتي كان جوهرها حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن وتهديد الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس واعطاء إسرائيل مساحات للحركة لتنفيذ مخططاتها في الضفة الغربية بشكل عام والقدس بشكل خاص خاصة بعد نقل السفارة الأميركية للقدس.

الملك عبدالله رفض هذه الضغوط ووقف وحيدا في لحظات معينة -بعد ان تم تحييد بعض الدول العربية من خلال عقد اتفاقات سلام مع إسرائيل تحت الضغط الأميركي -وقام بجهد دبلوماسي وزيارات لكل الدول المؤثرة واقناعها بحل الدولتين الذي يضمن حماية للمصالح الفلسطينية والأردنية وتثبيت القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية.

لكن يبدو أن ذلك الموقف لم يعجب أصحاب فكرة صفقة القرن واحسوا أن الملك عقبة في طريقهم لتحقيق مخططهم لذلك قرروا عمل فتنة في الأردن واستغلال الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد وخاصة مع أزمة كورونا العالمية والبحث عن فرصة لبدء المخطط والتي كانت أحداث مستشفى السلط حسب الصحفية البريطانية.

بعد ان تكشفت خيوط القضية وتم تحويلها للقضاء ممثلا بمحكمة أمن الدولة أصبح الجميع ينتظر بدء جلسات المحاكمة والتي -حسب الغارديان -ستكون قريبة وخلال أيام وبذلك سيرى الأردنيون لائحة الاتهام مقرونة بالتسجيلات والوثائق وسيبدأ مارثون جلسات متوقع أن يكون فيه مفاجآت للجميع.

هذه القضية وتداعياتها أكدت أن الدولة بنظامها ومؤسساتها قوية وتستطيع إفشال أي تآمر هدفه زعزعة أمن الناس واللعب في بنيوية الدولة، ومع بدء المحاكمة وتحويل الملف إلى القضاء سيتم الانتهاء سياسيا من أزمة خطيرة لم يشهدها هذا الجيل ولم يعشها الجيل السابق.

هذه جولة من التآمر تم كشفها، لكن يجب أن نبقى متيقظين لأي محاولات أخرى-لا سمح الله -وان نقيم نقاط القوة ونقاط الضعف التي حدثت خلال الأزمة وخاصة دور الإعلام بحيث يتم بناء إعلام دولة يدافع عنها ويكون رأس الحربة في أي أزمات قادمة.

الغد

Mahmoud Dabbas

Recent Posts

حالة قلق على صلاحية وصحة بايدن لخوض الانتخابات المقبلة

انتقدت شخصيات بارزة في معسكر الديموقراطيين، مساء أمس الثلاثاء، طرح تساؤلات علنية عن الحالة الصحية…

3 دقائق ago

الأردن يؤكد أهمية التعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي لتحقيق “الأهداف والطموحات المرجوة” -صور

استقبل رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة في مكتبه في دار رئاسة الوزراء اليوم الأربعاء، رئيس…

19 دقيقة ago

مسؤول أوروبي: الأردن نجح في تجاوز أزمات متعددة ورفع تصنيفاته الائتمانية

قال المدير العام في المفوضية الأوروبية لسياسات الجوار والتوسع غيرت يان كوبمان، إن الأردن شريك…

30 دقيقة ago

فريق الأمن العام للكراتيه يحصد الذهب في بطولة ماليزيا الدولية المفتوحة -صور

حصد نشامى فريق الأمن العام للكراتيه "9” ميداليات ملونة ضمن مشاركتهم في بطولة ماليزيا الدولية…

40 دقيقة ago

” أمنية” راعي الاتصالات الحصري لمبادرة علماء الغد وتدعم جائزة “العلوم السلوكية والاجتماعية”

أعلنت شركة أمنية، التابعة لمجموعة BEYON البحرينية، عن رعايتها الحصرية لمبادرة "علماء الغد" والتي أقيمت…

53 دقيقة ago

مذكرة تفاهم بين عمان الأهلية ومجموعة التعليم السويسري “SEG”

وقعت جامعة عمان الأهلية ممثلة برئيسها الأستاذ الدكتور ساري حمدان مذكرة تفاهم مع مجموعة التعليم…

58 دقيقة ago