احداث اقتصاديةاقتصادالاخبار الرئيسية

قطاع التكسي بحاجة الى تنظيمه بدلا من تفتيته وتحريره

رؤيا نيوز – قطاع النقل العام في الاردن قصة فشل بإمتياز ، اذ كان اسلوب التعاطي معه عكس ما وجد من اجله كخدمة اساسية يحتاجها المواطنين وضيوف الاردن من السياح العرب والاجانب ورافعة من روافع التنمية المستدامة ، والذي من شأن حسن ادارته وتنظيمه ان يسهم بشكل كبير في تحقيق اهداف التنمية المستدامة في ايجاد نظام نقل عام فعال يسهم بالتخفيف من الاثار الاقتصادية على المواطنين ذوي الدخول المتدنية واحداث ثقافة مجتمعية تسهم في الاعتماد على النقل العام كالتاكسي والسرفيس والنقل الجماعي للتخفيف من الازمات المرورية الحادة والمؤرقة على طرقنا وتخفيض فاتورة الاردن النفطية.

ويأتي قطاع التاكسي في اعلى سلم التخبط وسوء التنظيم وتراجع القيمة المضافة التي من المؤمل ان يحققها بسبب الملكيات الفردية وتشرذم ادوات ادارته وتنظيمه.

وسعت الحكومة على مدار عشرات السنوات لتحقيق نقلة نوعية في خدمات التاكسي من خلال سن انظمة وتعليمات تفسح المجال امام الشركات المستثمرة لدخول هذا القطاع وانشاء منظومة نقل متكاملة يكون لديها القدرة على تحقيق الاهداف المطلوبة في رفع سوية خدماته وجمع شتاته في اطار اداري تنظيمي يسهل التعامل معه والاشراف عليه وتطويره.

وبدأ ذلك من خلال منح فرصة استثمارية لشركة كويتية تقدمت للحصول على رخصة تشغيل تاكسي على الطلب من خلال الهاتف وتخصيص ارقام خدمة لطلب التاكسي من المواطن ليأتيه في الوقت والمكان المحددين الا ان هذه التجربة قد واجهت عدة صعوبات للاستمرار ما حدا بمالكي الشركة لبيعها وكانت تمتلك حوالي 400 مركبة منها 100 مركبة من نوع مرسيدس لتقديم خدمات عالية الجودة “VIP ” وباقي المركبات من تويوتا.

وبعد بيع الشركة الى مستثمر اردني وبسبب المستجدات والصعوبات وعدم وجود تجاوب من المواطنين مع هذه الخدمة وارتفاع كلف التشغيل قامت الامانة بمنح المستثمر الاردني تسهيلات للتخلي عن سيارات المرسيدس واستبدال الاسطول كاملا بمركبات هجينة في مسعى لتحقيق مصالح مشتركة لضمان استمرارية عمل الشركة بنفس الشروط.

الا ان ذلك لم يمنع توقف تكبد الخسائر المالية للشركة ، مما قاد الامانة لمنحه تصريح بالعمل بالطريقة التي يعمل بها ما يعرف بالتاكسي الاصفر ليكون للمركبات العاملة في الشركة حرية التجوال والتقاط الركاب من اي مكان مع بقاء خيار تقديم الخدمة عبر الطلب من خلال الهاتف.

وبعدها بسنوات قامت هيئة النقل بنسج هذه التجربة ومنح رخصة استثمار لشركات في الزرقاء واربد لتقديم خدمة التاكسي عبر الطلب ، وواجهت نفس المصير مما اضطرها للعمل والتجوال في الشوارع لالتقاط الركاب وتحقيق المردود المالي المطلوب.

الا ان ما حدث بعد ذلك ان قامت تلك الشركات بإستبدال طريقة العمل من خلال تضمين مركباتها للسائقين مقابل مبلغ يومي كما متعارف عليه في قطاع التكسي الاصفر.

مما افقد التجربة عناصرها الرئيسية وميزاتها الاساسية في تقديم خدمة النقل عبر الطلب وعدم التجوال في الشوارع والمساهمة في الازدحامات المرورية جراء هذا الاسطول الاضافي من سيارات التاكسي.

وفي ظل المستجدات والظروف الاقتصادية التي مرت في المملكة اصبح من الصعب على تلك الشركات العمل بنفس الشروط التي منحت على اساسها الفرصة الاستثمارية وبدأت تطالب بتحرير الطبعات لتتمكن من بيعها للافراد ومواجهة الالتزامات المالية الكبيرة التي ترتبت عليها.

حيث تم بيع اغلب تلك المركبات بالباطن لمواطنين ما نتج عنه عدم وجود جهة مشرفة على عمل هذه المركبات.

وبالتالي فشلت التجربة برمتها وعادت الامور الى المربع الاول .

مجلس الوزراء قام قبل اكثر من عام بإتخاذ قرار بتحرير 30% من ملكيات المركبات العائدة لتلك الشركات في مسعى للمساهمة في حل التبعات المالية والالتزامات التي ترتبت على تلك الشركات.

الا ان القرار لم ينفذ من قبل وزارة النقل بسبب قيام اصحاب مكاتب التاكسي الاصفر بالاعتراض على القرار واعتباره انه يهدد مصالحهم ومكتسباتهم ويخفض من القيمة السوقية لمركباتهم.

حيث كان دور وزارة النقل في هذا الموضوع ايجاد حلول مرضية لكافة الاطراف وان لا يشكل تنفيذ قرار تحرير 30% من ملكيات الشركات لمركبات التاكسي على باقي المستثمرين من مكاتب التاكسي الاصفر.

مما جمد تنفيذ قرار تحرير طبعات التاكسي العائدة لشركات الاستثمار.

من هنا نجد ان الدولة قد تعاملت مع هذا الملف من وجهة نظر واحدة وهي مصالح المستثمرين ، ووضعت جانبا مصالح المواطنين المستفيدين من الخدمة، ولم تنظر الى الاثار السلبية المترتبة على نوعية ومستوى الخدمة والعودة للمربع الاول في جهود تنظيم عمل التاكسي في المملكة ، وهو عكس الهدف الذي كان يجب ان تسعى اليه في الحد من الملكيات الفردية والاتجاه لتنظيم عمل التاكسي من خلال شركات منظمة تخضع للرقابة وتنفذ الشروط الواردة في دعوة الاستثمار ومن ضمنها تحديد اوقات العمل لتقديم خدمة نقل على مدار الساعة وتوظيف سائقين في الشركة برواتب شهرية واخضاعهم لمظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وغيرها من الشروط الواردة في تعليمات تشغيل سيارات التاكسي في المملكة.

اذا فإن موقف وزارة النقل في هذا الملف وتجميد تنفيذ قرار تحرير طبعات التاكسي ، يأتي لمعالجة الخلل وتصويب الواقع والعودة الى الاهداف الرئيسية التي من اجلها تم طرح دعوات الاستثمار في قطاع التاكسي.

وهو الهدف الذي يجب ان يسعى الجميع الى تحقيقه ، وعلى الدولة ان تقدم التسهيلات والحوافز الضرورية لتمكين الشركات من القيام بعملها وتقديم خدمة نقل فضلى تسهم في حل مشكلة الازدحامات والاعتماد على وسائل النقل العام بدلا من قيام كل مواطن بتحريك مركبته للذهاب لعمله او قضاء احتياجاته اليومية.

ما يحقق عدة اهداف من ضمنها تخفيف الازدحامات المرورية التي تشهدها مدننا وشوارعها والاعتماد على النقل العام وتخفيض الفاتورة النفطية ومعالجة التلوث البيئي وايجاد منظومة نقل متطورة تستغل التطور التكنولوجي ما سيخفض من تكاليف التشغيل لهذه الوسائط بالشكل الذي يحقق هدف المستثمر وهدف المواطن بالحصول على خدمة نقل محترمة.

اذا فإن تحقيق هذه الشروط وتلك الاهداف يصب في خدمة الجميع فالسائق الذي يعمل لساعات عمل محددة ويتقاضى راتبا شهريا ويتم شموله بمظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي سيشعر بالاستقرار والامان الوظيفي والمواطن سيحصل على خدمة نقل كفؤة والمستثمر يستطيع الحصول على مردود مالي مناسب لما استثمره والدولة ستحقق الاهداف العامة الداعمة للتنمية المستدامة بإيجاد نظام نقل فعال وكفؤ ، ما سيسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحريك عجلة الانتاج وزيادة اعداد العاملين خاصة بين النساء ، حيث اثبتت الدراسات ان احجام المرأة عن العمل هو في عدم توفر نظام نقل مناسب يمكنها من الوصول الى مركز عملها.

وللحديث بقية،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى