قطاع النقل البري في رؤية التحديث الاقتصادي .. المطلوب دعم الشركات القائمة لجذب استثمارات جديدة

كتب – محمود الدباس – البناء على النجاح اساس ولبنة اساسية عند وضع الاستراتيجيات التي تستهدف تعظيم العائد من اي قطاع.

مضى عام على بدء تطبيق البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي التي تبناها الاردن للدخول في المئوية الثانية بقوة ، لتحقيق اهداف رفع تنافسية الاردن اقتصاديا في مختلف المجالات.

الا ان ما يدعو للتوقف والقلق ، هو ما يجري في قطاع النقل البري ، او الاصح الجمود الذي يصيب هذا القطاع ، جراء ممارسات تحكمها في الغالب تحقيق مصالح انية سواء على سبيل تسكين وحل الازمات المتعلقة بالقطاع ، او عدم استيعاب القدرات الهائلة التي يوفرها قطاع النقل لزيادة مساهمته في الناتج القومي.

فرص كبيرة وسانحة تتوفر لتعزيز الاستثمار في هذا القطاع ، ولا يتم التعاطي مع التحديات التي تواجه هذا القطاع بالقدر اللازم من الاهمية من قبل الحكومات المتعاقبة.

وهذا يتوضح من التغييرات المتلاحقة على رأس الهرم في وزارة النقل خلال فترات زمنية لا تمكن الوزير من استدراك مشكلات القطاع وبالتالي التواصل مع المستثمرين فيه للوقوف على المسائل الاساسية التي تعطل وتقف في وجه نموه وزيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني.

هذ بالاضافة الى عدم الاقتناع بوجود ارادة حقيقية لتطوير قطاع النقل والاعتقاد بأنه محرك اساسي من محركات الاقتصاد.

ولتأكيد ما سبق نسوق بعض الامثلة على بطء التحرك الحكومي ، لاستثمار الفرص الواعدة في القطاع.

لا شك ان القطاع الخاص ممثلا بعدد من شركات النقل البري العاملة في الشحن حققت نجاحات كبيرة واسهمت في زيادة تنافسية قطاع الشحن في الاقليم والمنطقة العربية واسهمت في تعزيز عمل القطاعات الصناعية والتجارية من خلال عملها في نقل البضائع المستوردة والمصدرة.

وانفقت هذه الشركات مئات الملايين في سبيل بناء اسطول نقل بري من الشاحنات اسهم في توفير خدمات شحن البضائع المصدرة من المصانع الاردنية الى الخارج وكذلك نقل البضائع المستوردة للتجار الاردنيين.

وعملت تلك الشركات على تأسيس هيكل تنظيمي متوافق مع افضل الممارسات العالمية في هذا المجال ، وساهمت في تشغيل الاردنيين في مختلف المهن التي يتيحها العمل من سائقين وفنيين واداريين ، وقامت بجهود كبيرة في بناء قدرات العاملين وتطويرهم من خلال التدريب والتأهيل من خلال استثمار التكنولوجيا في ادارة وتشغيل اسطولها لتلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية.

في المقابل فإن الحكومات وفي كثير من الاحيان لم تمنح الشركات الاهتمام المطلوب تعبيرا عن تقديرها لدورها في تعزيز الدورة الاقتصادية.

بل على العكس ، فإن القرارات الحكومية كانت تأتي دائما على حساب تلك الشركات ، وتبرير ذلك بأن هذه الشركات قادرة على التعامل مع هذه التحديات ، وكانت الكفة تميل لصالح القطاع غير المنظم والفردي بذريعة انهم الطرف الاضعف في المعادلة.

فقامت باصدار العديد من التعليمات التي حدت من قدرة الشركات على زيادة نسب تشغيلها وحددت عدد النقلات التي يسمح للشركات بنقلها من ميناء العقبة واليه ، وبدا الامر وكأن الحكومة تعاقب الشركات على نجاحها !!

وهو وضع اعباء مالية اضافية على تلك الشركات ، لكونها تقوم بدفع رواتب شهرية ومكافآت للعاملين من سائقين وفنيين ، سواء كان هناك عمل لهم ام لا ، اضافة الى الكلف التشغيلية الاخرى التي تلتزم بها الشركات المنظمة من حيث التزامها بتحديث اسطولها واجراء الصيانة الدورية للشاحنات واستبدال الاطارات بشكل دوري وعند الوصول الى حد معين من الكليومترات.

وبطبيعة الحال فإن ذلك لا يقوم به صاحب الشاحنة الفردي وغير المنظم ، ويتم التساهل في احيان عديدة وغض النظر عن جاهزية الشاحنة بالشكل الذي يشكل خطرا على السلامة العامة ، بحجة ضعف القدرة المالية لمالك الشاحنة الفردي ، ومن جهة اخرى لعدم اثارة اصحاب الشاحنات الفرديين.

وهذا شكل احباطا للشركات المنظمة ، ودفع بعضها لتخفيض مستوى اعمالها في محاولة منها لمواجهة خسائرها جراء القيمة المرتفعة لنفقات التشغيل لكامل اسطولها ، ودفع شركات اخرى لم تقدر ان تستمر في مواجهة الخسائر المالية للخروج من القطاع.

فكيف والحال هذه ننتظر ان يجذب هذا الواقع مستثمرا جديدا للقطاع في ظل هذه الظروف؟؟

ويرى اصحاب شركات نقل ان لغة التواصل مفقودة مع الحكومة وهيئة تنظيم النقل البري ، وان لا لغة مشتركة بينهما للوصول الى فهم واضح للتحديات التي تواجهها تلك الشركات.

ويطالب اصحاب الشركات من الحكومة عدم تفويت الفرصة ، لاعادة الالق لقطاع الشاحنات الذي كان وخلال العقود الماضية ، يسهم بنسبة جيدة في الاقتصاد الوطني ، حيث كان قطاع الشحن الاردني منافسا وعدده اكبر ، مما ساهم في تشغيل القطاع محليا وعربيا واقليميا في نقل البضائع من والى الدول العربية.

وترى شركات النقل ان على الحكومة تفعيل مواد قانون النقل المتعلقة بتنظيم القطاع من خلال القضاء على الملكية الفردية وضم اصحاب الشاحنات في شركات منظمة ، تمكن الاردن من بناء قطاع شحن حديث وزيادة تنافسيته في الاقليم والمنطقة العربية.

حيث لا زالت وزارة النقل وهيئة تنظيم النقل عاجزة عن تطبيق هذه المادة لغاية الان.

هذا بالاضافة الى عدم فاعلية قرارات هيئة تنظيم النقل البري الاخيرة حول مواجهة قرار المملكة العربية السعودية حول العمر التشغيلي للشاحنات المسموح بدخولها او العبور عبر اراضيها.

من خلال السماح للرؤوس القاطرة بالعمل على نقل البضائع المبردة وكذلك السماح لشاحنات عربية بنقل البضائع الاردنية للاسواق الخليجية.

فبدلا من وقوف وزارة النقل وهيئة تنظيم النقل خلف تنفيذ بنود القانون المتعلقة بالتحديث والاستبدال ، تتيح مثل هذه القرارات الاستمرار في الوضع القائم ، وبالتالي انعكاس ذلك سلبيا على الاستثمار في هذا القطاع وتنظيمه بالشكل الذي يضمن تنافس تجاري بين المشغلين والشركات المنظمة دون اي تدخل من الحكومة في عمل القطاع لصالح جهة معينة ، وبالتالي الاضرار بمصالح الطرف الاخر وهي الشركات المنظمة والتي ترفد خزينة الدولة بالضرائب والرسوم المقررة سنويا.

المطلوب ان تضع الحكومة في الحسبان ان قطاع النقل البري ركاب وشحن هو قطاع استثماري اذا ما احسن التعامل مع قضاياه سوف يكون له اثر في زيادة جذب المستثمرين وزيادة مساهمة الشركات القائمة في هذا القطاع ، وارسال رسائل تطمين بأن سيادة القانون سوف تحكم جميع تعاملات الحكومة مع هذا القطاع ، وعلى الجميع ان يلتزم باحكام القانون وتوفيق اوضاعه بما يتوافق معه.

Mahmoud Dabbas

Recent Posts

أوقعت به من خلال “تمرين رياضيات”.. السجن لمعلمة بريطانية حملت من تلميذها القاصر

قضت محكمة في مانشستر في شمال غرب إنكلترا، الخميس، بالسجن ست سنوات ونصف سنة لمدرّسة…

ساعة واحدة ago

مجزرة جديدة يرتكبها طيران الاحتلال بقصف منزل ببلدة الزوايدة وسط غزة

استُشهد 6 فلسطينيين وأصيب آخرون، فجر اليوم الأحد، في قصف لطائرات الاحتلال، لمنزل بالمحافظة الوسطى…

ساعة واحدة ago

المرحوم الأستاذ الدكتور عبدالحليم مناع ابو العماش العدوان “ابو فراس” في ذمة الله

فقدت قبيلة العدوان عامة وعشيرة ابو العماش خاصة أحد رموزها و وجهائها الأستاذ الدكتور عبدالحليم…

ساعتين ago

مولر يلوح بالاعتزال بعد إقصاء ألمانيا من كأس الأمم الأوروبية

ظهرت صور توماس مولر وهو يبكي أمام مدرجات ملعب شتوتجارت أرينا بعد أن أطلق الحكم…

ساعتين ago

يتجاوز عمره 51 ألف سنة.. أقدم عمل فني تصويري في العالم

خلصت دراسة حديثة إلى أنّ رسماً يمثّل خنزيراً أحمر كبيراً محاطاً بثلاث شخصيات بشرية أُنجز…

3 ساعات ago

“طريقة غريبة” للحد من الرغبة في التدخين

كشف باحثون من جامعة هارفارد أن إثارة مشاعر الامتنان لدى الأشخاص المدخنين يساعد في الحد…

4 ساعات ago