Categories: اراء

كلام عن موجات الكراهية

ماهر أبو طير

موجات الكراهية ضد اللاجئين تنتشر في دول العالم، وليس أدل على ذلك من دخول ملف الأشقاء السوريين في تركيا، على خط الحملات الانتخابية، ما بين من يريد ترحيلهم بقسوة، وذلك الذي يريد ترحيلهم عبر التدرج اللطيف، وذلك الذي يفترض مغادرتهم طوعا دون ضغط.

العالم العربي والإسلامي هو المصدِّر الأول للاجئين في العالم، إذ إن هناك ملايين اللاجئين من فلسطين وسورية والعراق واليمن والصومال والسودان وليبيا ودول مختلفة، وهذه الحالة نراها حتى خارج الدول العربية والإسلامية حيث موجات الهجرة من أوكرانيا، ميانمار، فنزويلا.

وفقا لإحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نهاية العام 2021 جاء أكثر من ثلثي اللاجئين من خمسة بلدان فقط، وهي سورية 6.8 مليون، فنزويلا 4.6 مليون، أفغانستان 2.7 مليون، جنوب السودان 2.4 مليون، وميانمار 1.2 مليون، وبحلول نهاية عام 2021، بلغ عدد المهجرين جراء الحروب والعنف والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان 89.3 مليون شخص، بزيادة تصل إلى 8 بالمائة عن العام الذي سبق.

هذه الأرقام متغيرة، وكلما نشبت حرب جديدة، جاءت موجات لجوء ونزوح جديدة، والأفارقة والعرب يهربون عبر البحر الأبيض المتوسط، إلى جنوب أوروبا، وهناك قبول طوعي من الدول لموجات اللجوء وفقا لترتيبات معيّنة مع الأمم المتحدة، بما أدى إلى استيعاب أعداد كبيرة.

لكن هذه المطالعة لا تتقصد الأرقام إلا من حيث كونها مجرد نماذج، وما هو أهم هنا هو موجات الكراهية التي تتم مقابلة اللاجئين بها في دول كثيرة، والذين يعيشون في أوروبا من العرب والمسلمين، يشعرون أحيانا بالتمييز والكراهية ضمن حدود معينة، بما يجعل هذه المجتمعات تعيد تذكير الإنسان بوطنه الأصلي ومن هو، وليس بمواطنته المستجدّة.

في حالات كثيرة تفوق لاجئون ونجحوا في المجتمعات التي هاجروا إليها، وقوبل هؤلاء بالترحيب والدعم، كما أن كثيرين وجدوا في البيئات التي هاجروا إليها، مناخات آمنة ومزدهرة اقتصاديا، مقارنة ببيئاتهم الأصلية، إلا أن لا ضمانة أبدا، ألا تنقلب هذه البيئات تحت أي ظروف مستجدة، وليس أدلّ على ذلك من أن أي تراجعات اقتصادية، في أي بلد يتم تحويلها إلى موجة سخط ضد اللاجئين، وأي توترات على صلة بالدين أو القومية أو البرنامج السياسي قد تتفجر تحت وطأة أي حادث سياسي أو أمني قد يرتبكه فرد، وليس المجموع الكلي للاجئين بشكل عام، أو من ينتمي إليهم المخطئ، بما يثبت أن الأخطاء الفردية يتم توظيفها للتعميم.

الاندماج في حالات مختلفة لم يحل المشكلة، وهناك أدلة على ذلك، وإذا تحدثنا عن تركيا مثلا، فالسوري والعربي لن يعاني في قضية الاندماج بسبب التشابهات الدينية والثقافية والاجتماعية والتاريخ المشترك، إلا أن التوتر ضد السوريين استند إلى مداخل ثانية، أي القومية، والعداء للشعار الإسلامي، والتأثرات الاقتصادية الصعبة، والمساعي للإطاحة بالرئاسة الحالية، وما تبنته من سياسات، وليس التوتر من هوية السوريين الثقافية أو الاجتماعية.

ما دمنا نتحدث عن السوريين في تركيا، لا يواجه الأشقاء من سورية موجات كراهية في الأردن ومصر بإقرارهم، بل تشتد الموجات ضدهم في لبنان، وتركيا حصرا، وبعض الدول الأوروبية.

ما هو أصعب من الحرب والصراعات التي يفر الناس منها، أن يعيشوا في مناخات كراهية لأي سبب كان، وأغلب اللاجئين في العالم، يعانون من كراهية المجتمعات المضيفة، لكن اللافت للانتباه أن تتفشى الكراهية في مجتمعات على صلة ثقافية واجتماعية ودينية باللاجئين، بما يجعلنا نفترض أن هؤلاء يجب أن يكونوا بأمان إلى حد كبير، بدلا من استعداء اللاجئين لأي سبب كان، وبما يثبت كثيرا هشاشة الروابط القومية والدينية والاجتماعية في هذا الزمن، لصالح الأولويات الوطنية في المجتمعات الأصلية قبل وفود اللاجئين إليها، بسبب الحروب.

Nada Shareef

Recent Posts

يتجاوز عمره 51 ألف سنة.. أقدم عمل فني تصويري في العالم

خلصت دراسة حديثة إلى أنّ رسماً يمثّل خنزيراً أحمر كبيراً محاطاً بثلاث شخصيات بشرية أُنجز…

13 دقيقة ago

“طريقة غريبة” للحد من الرغبة في التدخين

كشف باحثون من جامعة هارفارد أن إثارة مشاعر الامتنان لدى الأشخاص المدخنين يساعد في الحد…

45 دقيقة ago

الطواحين الهولندية الى نصف نهائي يورو 2024 بفوز صعب على تركيا

قلبت هولندا تخلفها أمام تركيا الى فوز 2-1 السبت على الملعب الأولمبي في برلين وبلغت…

60 دقيقة ago

الاردن : ارتفاع فوائد القروض السكنية سبب رئيس بتراجع الطلب على الشقق

ما زال الطلب على الشقق السكنية يشهد تراجع بنسبة ٣٠ بالمئة مقارنة بنفس الفترة من…

ساعة واحدة ago

“رؤيا نيوز” تهنئ بحلول العام الهجري الجديد

تتقدم اسرة موقع "رؤيا نيوز" ممثلة بالناشر محمود علي الدباس وبالنيابة عن اسرة التحرير والعاملين…

ساعة واحدة ago

أداة “Erase Song” المحدثة على YouTube تعمل على إزالة الموسيقى المحمية بحقوق الطبع والنشر وترك الملفات الصوتية الأخرى

يتيح موقع YouTube لمنشئي المحتوى إمكانية الوصول إلى أداة محسنة تسمى “Erase Song” والتي تسمح بإزالة الأغنية المحمية بحقوق الطبع والنشر دون التأثير على الصوت الآخر في الفيديو. تم الإعلان عن ذلك في وقت سابق من هذا الأسبوع، ويتم الطرح الآن، وهو إصدار محدث من “Erase Song” متاح لمنشئي المحتوى. كان الخيار متاحًا سابقًا في الإصدار التجريبي، ولكن ليس لجميع المستخدمين، وكما يقول يوتيوب في مقطع فيديو، لم يكن أداءه رائعًا. يستخدم الإصدار المحدث من هذه الأداة الذكاء الاصطناعي لإزالة أغنية من مقطع فيديو، ولكن دون إزالة حوار منشئ المحتوى أو الأصوات الأخرى. يتم شرح الميزة بشكل أكبر على صفحة الدعم، حيث يقول يوتيوب إن الخيار يظهر على مقاطع الفيديو التي لديها مطالبة بحقوق الطبع والنشر والتي تتعلق فقط بالصوت. وإلى جانب إزالة الأغنية فقط، يمكن للأداة أيضًا كتم الصوت بالكامل خلال أجزاء معينة من الفيديو المتأثرة بمطالبة حقوق الطبع والنشر. إن إزالة جزء معين من الصوت من الفيديو النهائي ليست مهمة سهلة، ويعترف الموقع بأنها قد لا تعمل في جميع الحالات، قائلاً: “قد لا يعمل هذا التعديل إذا كان من الصعب إزالة الأغنية. إذا لم تنجح هذه الأداة في إزالة المطالبة بملكية مقطع فيديو، فيمكنك تجربة خيارات التعديل الأخرى، مثل كتم الصوت بالكامل في المقاطع التي تمت المطالبة بها، أو قطع المقاطع التي تمت المطالبة بها“. قد لا تعمل الأداة أيضًا إذا حصل الفيديو على أكثر من 100000 مشاهدة، ويقول YouTube إن أوقات المعالجة “يمكن أن تختلف“، مما يعني أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت. سيتم طرح “Erase Song” في YouTube Studio على أجهزة سطح المكتب والأجهزة المحمولة في الأسابيع المقبلة.

ساعة واحدة ago