اراء

كورونا.. فرصة للبناء مجددا

مهند الواكد الفاعوري

ان الباحث والقارئ للأحداث التي حصلت على مدار التاريخ، يجد أنها في معظمها كانت سببا لتطورات واستمرار لما بعدها بشكل وبطريقة افضل.
فعلى سبيل المثال الحريق الذي إجتاح مدينة لندن التاريخية القديمة عام ١٦٦٦م، والذي كان سببا في انشاء مدينة لندن في شكلها وطرازها الحديث الحالي، وكذلك الحربين العالمية الاولى والثانية بالرغم لما رافقهما من مآسي وضحايا وخسائر مادية إلا انهما كانتا سببا في تغيير العالم في جوانب متعددة إلى الأفضل، فتطور بعض الأسلحة الرهيبة والفتاكة وخروجها في تلك المرحلة ساهم في شكل او بآخر في بيئة آمنه نوعا ما في العالم لهذه الفترة، وكما ساهمت الحربين العالميتين في تطور كبير في المجال العلمي والفيزيائي والطبي، وكل تلك النتائج نلمس أثرها حتى يومنا هذا من تكنولوجيا متطورة وتطور طبي ساهم في إنقاذ الملايين من الأرواح أكثر مما راح ضحيته خلال الحربين.
واعتقد ان جائحة كورونا نوعا ما هي فرصة للعالم لخلق بيئة معرفية وثقافية واجتماعية وسياسية جديدة وافضل.
ولذلك يجب على الاردن استثمار هذه الفرصة بتعزيز هذه الثقافة الايجابية التي تركزت خلال هذه الفترة على المجتمع الأردني ككل، ويجب علينا اليوم من خلال أخذ الدروس الإيجابية من أزمة كورونا وأن نعي أن العالم لن يعود كما كان قبل الجائحة.
في الأردن إستفدنا نوعا ما من هذه التجربة في جوانب متعددة وفي فترة قصيرة من خلال زيادة وتعزيز الثقة في الإعلام الرسمي والحكومي وتعزيز جزء من الهوية الوطنية، بحيث شكلت حالة من الوعي الشعبي في الأزمات وطريقة التعامل معها، ولهذا يجب علينا أيضا الاستفادة من الفرص الاستثمارية من هذه الجائحة من خلال تعزير الاقتصاد الرقمي والنهضة التعلمية والتنمية الرقمية، وهذا يتطلب تعزيز الاستثمارات التكنولوجية في جانب التطبيقات الرقمية، بحيث يكون الاردن مركزا إقليميا لهذا النوع من الاقتصادات المتقدمة والمتطورة، كما يجب الاستثمار أيضا في الحالة الاجتماعية التي رافقت هذه الجائحة من سلوكيات إيجابية لتأسيس بنية تحتية رقمية متطورة بالتوازي مع الاستثمار في الجزء المهم في النقل البري والجوي.
والأهم من ذلك كله التعلم من نقاط الضعف وتلافيها مستقبلا، والبناء على نقاط القوة وتعزيزها للمستقبل، والأهم من كل ذلك بناء المواطنة الحقيقية التي تقف في الصف الأول الى جانب أجهزة الدولة لتحقيق المصلحة العامة في أي وقت ولما بعد كورونا.

الأردن ينهض بهوية وثقافة وفكر اقتصادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى