احداث اقتصاديةاقتصاد

كيف نعزز القطاع الخدمي أمام التحديات؟

رغم ما حققه قطاع الخدمات من تقدم خلال السنوات الماضية، إلا أن خبراء يرون أنه لم يحظ بالدعم والاهتمام الكافيين مقارنة بقطاعات اقتصادية أخرى.

ويؤكد خبراء أن هنالك نجاحات سجلتها بعض القطاعات الفرعية داخل قطاع الخدمات، كالسياحة وتكنولوجيا المعلومات والقطاع المالي والطبي والتعليم وغيرها، توضح مدى أهمية القطاع في زيادة نسب النمو الاقتصادي والنهوض بالاقتصاد المحلي، عدا عن دوره في مساندة القطاعات الاقتصادية الإنتاجية على توسيع أعمالها وتطوير أدائها.

وبحسب الخبراء، يواجه قطاع الخدمات في الأردن مجموعة من المعيقات والتحديات التي تحد من دوره في تعزيز الكفاءة والتنمية الاقتصادية كارتفاع كلف الأعمال، والضرائب والرسوم العامة، إضافة إلى عدم استقرار التشريعات، وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين في الفترة الأخيرة.

وتمثل نسبة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الخدمات على المستوى العالمي نحو 60 % من اجمالي الناتج العالمي، وتصل هذه النسبة لأكثر من 70 % في اقتصادات الدول مرتفعة الدخل، كما يشغل القطاع نحو 50 % من المشتغلين عالميا ،إذ أسهم القطاع في توفير فرص عمل في الاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل خلال العام 2021 بنسبة 45 %، بحسب بيانات صادرة عن البنك الدولي.

غير أن نسبة مساهمة قطاع الخدمات في الاقتصاد الأردني ما تزال تشكل الثلث تقريبا، بحسب بعض التقديرات.

ويقصد بقطاع الخدمات بأنه القطاع الذي ينشط بتقديم الخدمات المختلفة التي يحتاجها المواطنون في حياتهم اليومية، مثل النقل والتخزين والرعاية الصحية والترفيه والمعلومات.

وطالب خبراء بضرورة الاهتمام ببعض القطاعات الفرعية المشكلة لقطاع الخدمات والتي تعد حيوية في العملية الاقتصادية، وتقديم الدعم اللازم لها كقطاع التجارة وقطاع السياحة وقطاع النقل والتعليم وتكنولوجيا المعلومات والقطاع المالي.

وأكد الخبير الاقتصادي زياد الرفاتي، أن قطاع الخدمات يشمل قطاعات فرعية حيوية مهمة، مثل السياحة والتجارة والنقل والقطاع المالي والطبي، وتمتاز هذه القطاعات بكثافة النشاط الاقتصادي الذي ينعكس بشكل واضح على الاقتصاد الوطني ودورته.

وبين أن القطاع يعد مساهما حقيقيا في تحقيق النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل، ما يجعل الاهتمام به ضرورة وطنية ملحة، لافتا إلى أن حجم الاهتمام به مقارنة مع القطاعات الاقتصادية الأخرى، خاصة القطاع الصناعي، غير كاف وضعيف.

وأوضح الرفاتي أن قطاعي السياحة والمال يعدان من القطاعات الفرعية لقطاع الخدمات، ويظهران مدى أهمية هذا القطاع في دعم النمو الاقتصادي؛ إذ إن عائدات السياحة من أهم موارد تغذية احتياطي المملكة من العملات الأجنبية.

ويضيف الرفاتي، أن القطاع المالي الذي يضم البنوك وشركات التأمين والتمويل الأصغر والخدمات والوساطة المالية، يقوم أيضا بدور مهم بالتأثير الإيجابي للنشاط الاقتصادي والحد من المخاطر من خلال الخدمات التأمينية وتوفير الأموال وضخ السيولة في الأسواق بالتمويل المباشر لقطاعات الأعمال والأفراد أو للحكومة من خلال الاكتتاب في السندات التي تطرحها وتستخدمها في الإنفاق الجاري والرأسمالي أو سداد التزاماتها تجاه الموردين والمقاولين.

وبقصد تعظيم الفائدة من قطاع الخدمات وتسخيره لتحسين أداء الاقتصاد الوطني وتعزيز مؤشراته، دعا الرفاتي إلى الاهتمام ببعض القطاعات الفرعية المندرجة تحته، خصوصا قطاعي السياحة والنقل، من خلال تعزيز الجهود التسويقية للقطاع وتعظيم العائد السياحي، إضافة إلى ضرورة تطوير البنية التحتية في المناطق السياحية وتوسيع شبكة الطرق وتطوير وتنويع المنتج السياحي ورفع مستوى الخدمات في الأماكن السياحية والأثرية من مرافق صحية ومطاعم وأماكن ترفيهية ووسائل نقل مريحة وإطالة مدة إقامة السائح والتدريب والتأهيل المستمر للعاملين في القطاع، إلى جانب إدراج السياحة التعليمية والدينية وسياحة المؤتمرات ضمن الخطط الترويجية للسياحة في المملكة.

ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي أحمد عوض “إن قطاع الخدمات يعد المحرك الرئيسي لنمو الاقتصاد الأردني وله قيمة مضافة عالية جدا، إذ إن قدرته على النمو أسرع من بقية القطاعات الاقتصادية الاخرى، كما أن لديه قدرة كبيرة على توليد فرص عمل، عدا عن تميزه بالمرونة وسرعة الاستجابة للمتغيرات”.

وبحسب عوض، فإن الاقتصاد المحلي يصلح أن يميل إلى الجانب الخدمي في ظل طبيعة القوة البشرية والتحديات التي تواجه القطاعات الاقتصادية الأخرى خاصة القطاع الصناعي، مشيرا إلى أن القطاع قد نجح، خلال العقود الماضية، في تشغيل عشرات الآلاف من الشباب الأردني.

ومن أجل زيادة فاعلية هذا والاستفادة من قيمته المضافة للاقتصاد الوطني، طالب عوض بضرورة إعادة النظر ببعض القيود التي تواجه القطاعات الفرعية المكونة لقطاع الخدمات، كارتفاع الكلف الضريبية والمعيقات التشريعية والتي تتمثل بشروط، منها وجود مستشار قانوني للشركات العاملة في القطاع ما يزيد من حجم الكلف على القطاع، إضافة إلى ضرورة تمكين الشركات غير الربحية الناشطة في القطاع.

وبدوره، بين ممثل قطاع الخدمات والاستشارات جمال الرفاعي، أن قطاع الخدمات في الأردن يعد من أكثر القطاعات مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، وتقترب نسبة مساهمته بحوالي 32 %، كما ويبلغ عدد الشركات العاملة به والمسجلة لدى غرف التجارة نحو 22 ألف شركة، كما أنه يشغل ما بين 90-105 آلاف عامل أردني، وهو يشكل ما نسبته 17 % من إجمالي حجم القوى العاملة في المملكة، مؤكدا أن كل ما سبق يدل على أن هذا القطاع الذي يندرج تحته نحو 35 قطاعا فرعيا لديه قدرات كامنة يعول عليها في دفع معدلات النمو الاقتصادي إلى الأمام والمساهمة في التغلب على بعض المشكلات الاقتصادية المحلية.

وقال الرفاعي “اتساع القطاع وضمه للعديد من القطاعات الفرعية كالسياحة والنقل والتكنولوجيا والتعليم والتدريب والمالي وغيرها، يساعد على توفير المزيد من فرص العمل، عدا عن المساعدة في مساندة القطاعات الرئيسية الأخرى وتلبية احتياجاتها”.

وبحسب الرفاعي الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس غرفة تجارة الأردن، فإن قطاع الخدمات يواجه عددا من المشكلات والمعيقات التي قد تؤثر على استدامة عمل بعض القطاعات داخله، وتنعكس سلبا على دوره في العملية الاقتصادية، وتتمثل هذه التحديات بارتفاع كلف الأعمال، وارتفاع الضرائب، عدم استقرار التشريعات، فضلا عن ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين مؤخرا.

وأعرب الرفاعي عن أمله بأن يسهم التواصل القائم حاليا بين ممثلي القطاع والبنوك في زيادة حجم التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاع، ما سيضمن استمرارية نشاط هذه الشركات وإعانتها على التوسع وتحسين مستوى الخدمات، وتوفير المزيد من فرص العمل.

إلى ذلك، اعتبرت أستاذة الهندسة والتخطيط في جامعة عمان الأهلية ووزيرة النقل السابقة لينا شبيب، أن قطاع الخدمات إحدى أهم روافع وروافد الاقتصاد الوطني، إذ تكمن أهميته بمساندة القطاعات الفرعية المنضوية تحته، للقطاعات الرئيسية الأخرى ودعم التكاملية فيما بينهما، خاصة القطاع الصناعي.

ولفتت شبيب إلى أن قطاع النقل يعد من أهم القطاعات داخل قطاع الخدمات وأنه قطاع محوري للقطاعات الاقتصادية كافة، حيث إنه يشكل أرضية ومدخلا لبقية القطاعات الخدمية ولا يمكن الاستغناء عنه من قبل أي قطاع، فهو ضامن حقيقي لاستدامة عمل القطاعات سواء من ناحية عمليات الشحن أو من ناحية اللوجستيات والتخزين، فهو بمثابة شريان حياة للقطاعات كافة الفاعلة في العملية الاقتصادية.

ويعد قطاع تكنولوجيا المعلومات من القطاعات الفاعلة داخل قطاع الخدمات، في ظل التحول الرقمي والكنولوجي الكبير واستخدام القطاعات كافة التكنولوجيا في أعمالها، لمساعدتها على توفير الوقت والجهد والمصاريف، وفق ما أكد ممثل قطاع تكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن هيثم الرواجبة.

وبين الرواجبة أن قطاع تكنولوجيا المعلومات بات قاعدة رئيسية في أعمال قطاع الخدمات، وله دور كبير في دعم عملية تحسين النمو الاقتصادي من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة التي يقدمها في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا البرمجيات التي تسهم في نمو الشركات الناشئة، إضافة إلى تصنيع الالكترونيات وتطوير الصناعات التكنولوجية وتصديرها، علاوة على تقديم الخدمات الاتصالية وتطوير البرمجيات، ما يساعد على زيادة نشاط ريادة الأعمال وتحفيز الابتكار وخلق فرص العمل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى