دوليعربي ودولي

“لتغطية فعلتها”.. فريق نافالني يتهم موسكو بإخفاء جثته

وصف المقرّبون من المعارض الروسي، أليكسي نافالني، السبت، السلطات الروسية بـ”القتلة” الساعين إلى “تغطية فعلتهم” من خلال رفض تسليم جثته، فيما يلزم الكرملين الصمت بعدما رفض اتهامات الغرب للرئيس، فلاديمير بوتين، بالمسؤولية عن هذه الوفاة.

وأعلنت سلطات السجون الروسية، الجمعة، في بيان مقتضب، أن الناشط المسجون منذ ثلاث سنوات، توفي في سجن الدائرة القطبية الشمالية، حيث كان يقضي حكما بالسجن لمدة 19 عاماً. وقالت إنّ الرجل البالغ 47 عاماً ويعاني من مشاكل صحية بسبب تسميمه وسجنه، “شعر بوعكة بعد نزهة، وفقد الوعي بشكل شبه فوري”.

من جهته، لم يدلِ الرئيس الروسي بأيّ تصريح عن وفاة هذه الشخصية السياسية، قبل شهر من الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 15 و17 مارس وستتيح له تعزيز سلطته، في غياب معارضة أنهكتها عملية القمع، خصوصاً منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.

وعلى الرغم من اعتقالات مساء الجمعة، شارك مئات الروس، السبت، في تجمّعات في مدن عدّة لوضع الزهور على نصب تكريم ذكرى المعارضين الذين كانوا ضحايا القمع السياسي خلال الحقبة السوفييتية.

من جهتها، أفادت منظمة “أو في دي-إنفو” (OVD-Info) غير الحكومية لحقوق الإنسان أنّه تمّ توقيف واحتجاز 231 شخصا خلال هذه التجمّعات التي جرت في 13 مدينة، خصوصا في موسكو وسان بطسبرغ.

ونقلت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد لمجموعة من الأشخاص وهم يزيلون الزهور التي تُركت في ساحة لوبيانكا في موسكو.

ووضع نحو 100 شخص الزهور أمام نصب تذكاري آخر في وسط مدينة موسكو، من دون تدخل الشرطة التي انتشرت بأعداد كبيرة في المكان.

“الجثة ليست في المشرحة”

في هذه الأثناء، طالب فريق نافالني بتسلّم رفاته “فورا”. وقالت كيرا يارميش، المتحدثة باسمه، إن “أحد موظفي المعتقل قال إن جثة أليكسي نافالني موجودة في سالخارد”، البلدة الواقعة في منطقة القطب الشمالي في روسيا حيث معتقله، ونقلها “محققون لإجراء فحوص”. وأضافت “نطالب بتسليم جثة أليكسي نافالني على الفور إلى عائلته”.

وذكرت المتحدثة بعيد ذلك في مقطع فيديو أن والدة المعارض، ليودميلا نافالانايا، ذهبت، السبت، إلى المعتقل “آي كاي 3” في منطقة يامال حيث تسلمت “وثيقة رسمية” تؤكد وفاته.

وأفادت لاحقا عبر منصة “إكس” بأن “محامي أليكسي ووالدته وصلا إلى مشرحة سالخارد وكانت مغلقة. وتابعت “اتصل المحامي برقم الهاتف المعلق على الباب، وقيل له إنه سابع شخص يتصل اليوم وإن جثة أليسكي ليست في المشرحة”.

وقالت لاحقا إن المحققين أبلغوا المحامي أن سبب وفاته ما زال مجهولا وأن نتائج الفحص الجديد للجثة ستتاح الأسبوع المقبل، متهمة المسؤولين بـ”الكذب” لتجنب تسليم الجثة إلى الأسرة.

وأضافت “من الواضح أن القتلة يريدون تغطية أثر فعلتهم. لذلك لا يسلّمون جثة أليكسي ويخفونها حتى عن والدته”.

وكانت السلطات الروسية أبلغت، السبت، والدة نافالني بسبب وفاته.

وكتب إيفان غدانوف، الحليف البارز لنافالني على منصة إكس، أنه جرى إبلاغ والدة نافالني ومحاميه في المستعمرة العقابية، السبت، بأنه توفي بسبب “متلازمة الموت المفاجئ”.

محاسبة روسيا

وأكدت زوجة نافالني، الجمعة، ضرورة “معاقبة” بوتين و”محاسبته شخصيا على الفظائع” التي ارتكبت بحقه.

وكانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في روسيا، ماريانا كاتزاراروفا، دعت في حديث لوكالة فرانس برس، إلى إجراء تحقيق مستقل في ظروف وفاة نافالني، بما في ذلك تشريح الجثّة بشكل مستقل ومنفصل عن الدولة الروسية.

وانضمّ إلى كاتزاروفا سبعة مقررين خاصين آخرين للمطالبة بالعدالة لنافالني، إضافة إلى نشطاء سياسيين “وقعوا ضحية نظام القمع وإسكات المجتمع المدني وأيّ معارضة في روسيا”.

واستمرّ التنديد الدولي والغربي، السبت، بوفاة المعارض مع دعوات لمحاسبة روسيا. وحمّل رئيس الحكومة الأسترالية، أنتوني ألبانيزي، السبت، “الرئيس فلاديمير بوتين والنظام الروسي المسؤولية”.

وتقاطع تصريح ألبانيزي مع مواقف الولايات المتحدة وبريطانيا، بينما اعتبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن وفاة نافالني إشارة إلى “ضعف الكرملين” و”الخوف من أي معارض”.

في المقابل، نقلت وكالة الأنباء الروسية الرسمية “تاس” عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زاخاروفا، قولها: “لم يتمّ إجراء فحص طبي شرعي بعد، لكن الغرب توصّل بالفعل إلى استنتاجات”.

ورفضت وزارة الخارجية الصينية التعليق، السبت، على وفاة نافالني، واصفة إياها في ردّ على سؤال وكالة فرانس برس، بأنها “شأن داخلي روسي”.

قمع

لم يقضِ دخول نافالني السجن على تصميمه الاستمرار في خطّ المعارضة. وخلال جلسات المحاكمة ورسائل بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بواسطة محاميه، واصل نافالني التنديد ببوتين، واصفا إياه بأنه “مسنّ مختبئ في ملجأ محصّن” لأن الرئيس الروسي نادرا ما يظهر للعلن.

وخلال محاكمة بتهمة “التطرّف”، اعتبر الغزو الروسي لأوكرانيا “الحرب الأكثر جنونيّة في القرن الحادي والعشرين”.

وتحرم وفاة نافالني المعارضة من زعيمها، قبل شهر واحد من الانتخابات الرئاسية التي دعا إلى تنظيم تظاهرات في كلّ أرجاء روسيا خلالها.

ويبدو فوز بوتين مضمونا مع زجّ المعارضين في السجن أو حملهم على مغادرة البلاد في السنوات الأخيرة والقمع الذي تنامى منذ بدء الهجوم الروسي في أوكرانيا في 24 فبراير 2022.

ومن أبرز هؤلاء المعارضين فلاديمير كارا مورزا، الذي تعرض للتسمّم مرتين، ويقضي حكما بالسجن مدة 25 عاما، كما يعاني من مشاكل صحية خطيرة.

كذلك، اغتيل منتقدون آخرون لبوتين، مثل بوريس نيمتسوف الذي قُتل بالرصاص بالقرب من الكرملين في فبراير 2015.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى