اراء

‏لماذا تبقى أزماتنا مفتوحة؟

لماذا يصرّ البعض على إبقاء أزماتنا مفتوحة ؟ لا يوجد لدي أي إجابة مقنعة،  ما أسمعه من كثير من المسؤولين في إدارات الدولة يصب في نقطة واحدة لا غير ، وهي أن لدينا أزمة اقتصادية لا نملك حلولا عاجلة لها ، ويجب أن نتكيف معها، فيما لا احد يعترف أن أزماتنا المتراكمة أعمق و أبعد من ذلك،  وأن حلها ممكن وسهل ، كما أن إنكارنا لها غير مفهوم ، وتأجيل النظر فيها مكلف جدا .

خذ ، مثلا ، أزمة معان ، منذ أكثر من 30 سنة وما تزال الأزمة مفتوحة ، لا أريد أن استعرض ما حدث طيلة هذه الفترة ، وما صدر من دراسات رسمية وغير رسمية حول تشخيص المشكلة ، وأسبابها وحلولها،  الأكيد أنها وضعت في الأدراج ، أريد أن أشير ، فقط،  إلى نقطة واحدة ، وهي أن “إضراب الشاحنات” ووسائل النقل انتهى ، وكان يفترض ان نسدل عليه  الستار ، ونطوي الصفحة ،  خاصة بعد أن صدمنا دم الشهداء ، لكن ما جرى كان عكس ذلك تماما ، لم تهدأ معان ، ولم نتعلم ، للأسف ، من الدرس .

خذ،  مثلا آخر ، أزمة  المعلمين التي مضى عليها عامان ونصف تماما ، القضاء حسم  المسألة ،  لكن الادارة (السياسية أن شئت) ما تزال عاجزة ، أو مترددة عن حلها ، معقول يبقى نحو 70 معلما  ، تم احالتهم  للاستيداع ، أو التقاعد المبكر،  أو  أوقفوا عن العمل معلّقين بلا عودة لعملهم ، وأن يبقى أولادهم بلا رواتب ، لا أتحدث عن الحقوق النقابية أو السياسية ، وإنما الإنسانية فقط ، مع  أن حل الأزمة لا يحتاج لأكثر من توقيع على كتاب صدر فعلا من مجلس الوزراء،  وظل حبيسا في مكاتب وزارة التربية .

خذ، مثلا ثالثا ، لدينا مجموعة من الشباب الذين أخطأوا ، ربما ، في التعبير عن حبهم وحرصهم على بلدهم ، هؤلاء أراد البعض أن يستخدمهم كأزمة ، فتم توقيفهم بأوامر إدارية،  ليس من أجل اعادتهم إلى جادة الصواب الوطني ، وإنما لمعاقبتهم فقط .

يا سادة : لنا تجربة فريدة مع شباب جنحوا  للتطرف ، والتكفير بإسم الدين،  ذهبنا إليهم في السجون لمراجعتهم و محاورتهم ، ونجحنا في عقلنتهم ، فعادوا  إلى مجتمعهم صالحين،  هذه تجربه لم يكتب عنها أحد ، مع أنها أفضل ما أفرزت مؤسستنا في السنوات الاخيرة ، أليس من الممكن ،بل الواجب، أن نكررها مع شبابنا الذين تطرفوا ،ربما ، باسم الوطنية،  نحاورهم ونتواصل معهم ، ونقنعهم ، ونعيدهم إلى أحضان أسرهم ، وبلدهم،  بقانون السماحة والمحبة ، لا بالمناكفة والمكاسرة.

يقولون : هذا العام 2023 سيكون الأثقل والأصعب اقتصاديا على الأردنيين ، إذن أليس من واجبهم أن يفعلوا كل ما بوسعهم لنزع فتيل أي أزمة  أو احتقان  أو غضب ، حتى يساعدوا الناس على التحمل والصبر ؟ يقولون أيضا : هذا العام سيكون مفصليا في التحدي الأخطر مع الكيان المحتل ، أليس ، أيضا ، من واجبنا جميعا أن نستعد ونقوّي جبهتنا الداخلية لتكون قادرة على مواجهة أي عدوان ؟

إن “كبسة” زر سياسية  واحدة ، حازمة وصادقة،  يمكن ان نضغط عليها لإغلاق أزماتنا المفتوحة،  أو بعضها على الاقل ، كفيلة بإحياء همة الأردنيين ، وإعادة العافية لمجتمعنا المنهك من الضربات والأزمات ، كما أنها تكفي لاستعادة ثقة الناس بمؤسساتهم،  وببعضهم بعضا ، الأردن يستحق أن نفعل من أجله كل ما نستطيع،  والأردنيون قادرون على رد التحية لدولتهم ووطنهم ،  بمثلها ، أو باحسن منها أيضا . فهل من مجيب؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى