Categories: اراء

لماذا لا يتم الاستثمار في أوائل المملكة؟

بعد ظهور نتائج الثانوية العامة (التوجيهي) ونشر أسماء الأوائل في المملكة في كل الفروع، ورؤية الفرحة على وجوه هؤلاء الطلبة وذويهم؛ يتبادر السؤال: أين سيذهب هؤلاء الطلبة المميزون؟ وكيف يمكن استثمارهم لمصلحة الدولة؟

وهل هناك رؤية فعلية من الدولة في تبني تلك النخبة والاستفادة منها؟

للجواب على هذا السؤال، دعونا نعود ونرى أين ذهب هؤلاء الطلبة في السنوات السابقة، وأين هم الآن؟ وما هي التخصصات التي يدرسونها؟ والذين تخرجوا أين ذهبوا بعد ذلك؟

عند حصول الطالب على معدل عال تكون كل الخيارات مفتوحة أمامه، لكن يحكم ذلك الخيار عدة عوامل، حيث الرغبة تعتبر عنصرا مهما في الخيار ولكن توجيه الأهل وحتى المجتمع يعتبر عنصرا مهما أيضًا، فطلبة الفرع العلمي يكون الطب هو مقصدهم، أما الفرع الادبي فالقانون واللغات هي خياراتهم الاولى وهكذا في باقي الفروع، وللأسف باقي التخصصات – وهي مهمة أيضًا -تكون خيارات أخيرة لا يرغب الطلبة دراستها إمّا لعامل التوجيه الاجتماعي او عدم وجود فرص عمل مستقبلًا.

هذه الرغبات والتوجهات تحصر الدراسة لهؤلاء الطلبة المميزين في تخصصات معينة، وتحرم مجالات أخرى من هؤلاء المميزين، فخلال السنوات الـ30 السابقة أصبحت لدينا تُخمة في تخصصات الهندسة وبعدها الصيدلة ونحن الآن باتجاه تشبع في دراسة الطب حيث يتخرج سنوياً بحدود 4500 طبيب ينافسون على 1000 مقعد اختصاص فقط.

ولكن أين عقل الدولة في التخطيط المدروس للاستفادة من هولاء الطلبة؟

وأين توجهات الحكومة لدعم المبدعين والاستفادة من تميزهم لرفد القطاعات الحكومية التي تعاني من الترهل وعدم وجود دماء جديدة مميزة تعمل على رفع مستوى الأداء في تلك الموسسات؟

وأين أصحاب القرار في تبني شيء مماثل لفكرة « قضاة المستقبل» والتي كانت فكرة جميلة ولكن ذهبت مع تغيير الحكومة وتغيير الوزير؟

للأسف هؤلاء الطلبة يذهبون لدراسة تخصصات محددة وعند تخرجهم يتم استقطابهم من دول تقدم لهم كل التسهيلات المادية والمعنوية، فبدل أن تستفيد بلدانهم من تميزهم وطاقاتهم تذهب هذه الخبرات الى تلك الدول، وتخسر دولنا تلك الطاقات لعدم التخطيط الاستراتيجي لتوطين هؤلاء،- ومثال على ذلك- تعتبر الأردن الرابع عالمياً في تصدير الأطباء لأميركا سنوياً.

أخيراً؛ على الدولة أن تستثمر في هؤلاء الطلبة المميزين وتحتضنهم وتدرسهم على حسابها وتوزعهم على كافة التخصصات، وبعد إنهاء دراستهم في الجامعات يتم ضخهم في الجسم الحكومي بحيث يصبح لدينا موظفون حكوميون لديهم قدرات عالية يرفعون مستوى تقديم الخدمة للمواطنين (تعليم، صحة، قضاء، …الخ) ويطورون مؤسساتهم، وتكون هذه أول خطوة في تحديث الادارة في مؤسسات الدولة التي تعاني من ترهل إداري مزمن.

 

Mahmoud Dabbas

Recent Posts

مسيرة حاشدة في عمّان تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة

 انطلقت مسيرة حاشدة بعد صلاة الجمعة اليوم من أمام المسجد الحسيني في منطقة وسط البلد…

12 دقيقة ago

فضيحة تهز عالم المأكولات.. نستله متهمة بتسميم المستهلكين

أعلنت شركة "نستله" بفرعها الفرنسي الجمعة توجيه القضاء المحلي اتهامات إليها في تحقيق بشأن تلوث…

27 دقيقة ago

نجم أتلتيكو مدريد في ورطة بسبب “شعار نازي”

بات نجم أتلتيكو مدريد الإسباني ماركوس يورينتي في وضع صعب، بعد إنشائه شركة متخصصة في…

47 دقيقة ago

تحديث جديد من غوغل يهدد استمرارية مواقع إلكترونية صغيرة

من خلال تعديل خوارزمية البحث وفلتر البريد العشوائي مطلع العام، حاولت "غوغل" التخلص من المحتوى…

ساعة واحدة ago

هل تتحول الأورام الحميدة في الثدي إلى سرطان؟

أكد خبراء صحة لموقع "هيلث" الطبي، أن النساء اللواتي أصبن بأورام حميدة في الصدر، معرضات…

ساعة واحدة ago

هآرتس: صواريخ من لبنان تحرق أكثر من 70 ألف دونم شمال إسرائيل

كشفت معطيات إسرائيلية، الجمعة أن الصواريخ التي أطلقت من لبنان منذ بداية المواجهات تسببت بإحراق…

ساعتين ago