اراء

لننتقل بالحراك الحزبي النخبوي الى الشعبي

د هايل ودعان الدعجة

واضح ان الدولة لم تحسن التعامل مع مشروع الاصلاح السياسي ببعده الحزبي تحديدا ، وذلك عندما فشلت في تسويقه وترويجه للعامة ، مكتفية بالفئة النخبوية المغلفة بالطابع الرسمي وقد اطلقت لها العنان لتشكيل الاحزاب بمجرد اقرار مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية او هكذا فهمت الامور ، وبعضها تشكل حتى قبل اقرار قانون الاحزاب . مما اوحى او ترك انطباعا باننا امام مرحلة حزبية موجهة او من نوعية خاصة ، عزز هذا الانطباع السائد البعض من مؤسسي هذه الاحزاب من الذين ركبوا الموجة وادعوا انهم محسوبون او مدعومون من جهات رسمية معينة ، مستغلين نوعية الاعضاء المنتسبين لها والطريقة التي تشكلت بها وسرعة تشكيلها . لدرجة انهم اتخذوا من انفسهم اوصياء على مشروعنا الاصلاحي ، واخذوا ( يتنطحون ) لاي رأي او فكر مخالف لطروحاتهم او توجهاتهم ، لانهم وحدهم دون غيرهم من يمتلك الحقيقة ومعايير الحياة الحزبية الصحيحة التي على اساسها يقومون بتقييم الاخرين ، معطين لانفسهم الحق في التصدي لاي افكار او طروحات او حتى انتقادات قد تصدر من هنا وهناك حول الاحزاب وبحلتها الجديدة ، رغم خبرتهم وتجربتهم المتواضعة بها ، وربما لم يكونوا يفكروا بالانضمام اليها اصلا ، ليجعلوا من انفسهم مرجعية او معيارا حزبيا معتمدا في تقييم العمل الحزبي .
ان هذا الانطباع المأخوذ عن احزاب المرحلة الجديدة ، هو الذي يفسر عدم انخراط العامة بالاحزاب كما كان متوقعا ومؤملا ، وبات هناك من يخشى بان تكون هذه المحطة بمثابة وسيلة تنظيمية تكتيكية لاعادة انتاج نفس الشخوص الذين ملهم الشارع ويعتبرهم من اسباب مشاكل البلد وازماته الاقتصادية والاجتماعية والمالية والمعيشية . وتزداد الامور تعقيدا عندما ترى ان الذي يتصدر المشهد الاعلامي للترويج لهذه المرحلة الحزبية الجديدة شخصيات من نفس هذه الفئة ، التي هي في الحقيقة انما تروج لنفسها للعودة مرة اخرى لمواقع المسؤولية التي فشلت في ادارتها .. ومن البوابة الحزبية تحديدا هذه المرة .. ليبقى السؤال .. كيف يترك لهذه النوعية ان تقود الاصلاح وتتحدث عنه وتروج له ، وهي التي بسببها لجأ الاردن للاصلاح لتصويب ومعالجة ما خلفته من اوضاع سيئة ومتردية نتيجة لعدم اهليتها لتولي المناصب الرسمية والحكومية .
لذلك فان المطلوب هو الانتقال بالحياة الحزبية من حالة الحراك الرسمي او النخبوي الى حالة الحراك الشعبي او العام ، وابعاد هذه النوعية عن المشهد الإصلاحي وعدم التعاطي معها كادوات لتسويق المشروع السياسي الحزبي لان المشكلة فيها ، وضرورة ترك مساحة لاحزاب وشخصيات حزبية وسياسية واكاديمية اخرى ولاصحاب الاختصاص والتجارب والخبرات الحزبية والسياسية من العامة الذين يثق بهم الشارع الاردني ويعول عليهم في انقاذ البلد من المشاكل والاوضاع الصعبة التي يعاني منها ، لتدلي بدلوها وتقول كلمتها من خلال اشراكها بالحوارات والنقاشات الحزبية والسماح لها بالظهور واعتلاء المنابر الاعلامية لمخاطبة الناس وتقديم رؤيتها لهم حول مشروع الاصلاح ، بما يضمن التأثير بهم وبجدوى المشاركة الشعبية والانخراط ( الشعبي ) بالعمل الحزبي ، بحيث لا يبقى مقتصرا على النخب ، وحتى لا تتحول الاحزاب بحلتها الجديدة الى طريقة للتعيين واعادة انتاج نفس المسؤولين وباسم الاصلاح هذه المرة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى