ودعا السوداني إلى “مرحلة جديدة” لحماية الشراكة الاستراتيجية لتكون “مرحلة تدعم سيادة العراق واستقلاله من دون التخلي عن التعاون المثمر بين بغداد وواشنطن”.
القضية الأكثر أهمية
ويوم الخميس أيضا قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية إن الشراكة الأمنية والدفاعية بين الولايات المتحدة والعراق ستكون جزءا مهما في محادثات بايدن مع السوداني، لكنها ليست محور الزيارة.
وأضاف المسؤول الذي تحدث مع صحفيين طالبا عدم نشر اسمه أن زيارة السوداني ستركز على العلاقات الاقتصادية، حتى في الوقت الذي تجري فيه واشنطن وبغداد محادثات بشأن إنهاء التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في البلاد.
وبدأت واشنطن وبغداد محادثات في يناير لإعادة تقييم وجود التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة هناك.
ورجح المسؤول أن تؤدي تلك المحادثات إلى حوار ثان للتعاون الأمني المشترك في وقت لاحق من العام الجاري.
ويعتقد كبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي، لاري كورب، أن “أول شيء يتعين على بايدن والسوداني القيام به هو أن يقرروا إلى متى ستبقي القوات الأميركية في العراق؟ وما هي بالضبط قواعد الاشتباك الخاصة بهم فيما يتعلق باستخدام القوة العسكرية؟”.
ويضيف كورب، الذي عمل سابقا مساعد لوزير الدفاع الأميركي، في حديث لموقع “الحرة” أن “رئيس الوزراء العراقي في موقف لا يحسد عليه، فهو يحتاج للولايات المتحدة، لكنه في الوقت ذاته لا يريد استعداء إيران”.
ويرى كورب أن “هذه هي القضية الأكثر أهمية، وباقي المسائل التي سيتم مناقشتها ليست حساسة جدا أو مثيرة للجدل”.
“وسيكون موضوع التصعيد المحتمل في المنطقة بين إسرائيل وإيران كذلك أحد الملفات التي ستبحثها الزيارة” وفقا لكورب.
نفوذ إيران
خلال الأشهر الأولى من حرب غزة، استهدفت الجماعات المدعومة من إيران في العراق، مثل كتائب حزب الله، بشكل متكرر القوات الأميركية في المنطقة، بما في ذلك الهجوم على قاعدة أميركية في الأردن بالقرب من الحدود مع العراق وسوريا في يناير أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة أكثر من 40 آخرين.
وقبل ذلك نفذت مجموعات مسلحة موالية لإيران عشرات الهجمات ضد القوات الأميركية المنتشرة ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. وردا على ذلك، نفذت واشنطن ضربات ضد هذه الفصائل.
ويشير الشمري إلى أن “هناك مجموعة من نقاط الاختلاف بين واشنطن وبغداد، لعل أبرزها ما يرتبط بالنفوذ الإيراني وهذه نقطة يمكن أن تشكل محط خلاف كبير”.
ويتابع الشمري أن “السوداني سيواجه صعوبة كبيرة في تفكيك هذا النفوذ لأنه أصلا مدعوم من قبل حلفاء طهران”.
“أيضا سلاح الميليشيات وتفكيكه ستكون نقطة خلاف صعبة على اعتبار أن الولايات المتحدة تدفع باتجاه أن يكون هناك استقرار للعراق من خلال إنهاء هذه الميلشيات”، بحسب الشمري.
ويلفت الشمري إلى أن “السوداني في مقاله الأخير أشار إلى أن هذا الموضوع سيكون تدريجيا، وهذا بالتأكيد لن يرضي واشنطن التي قد تعتقد أنها مجرد مناورة”.
استقلال الطاقة
في تعليقها لقناة الحرة أكدت المسؤولة الأميركية أن المحادثات العراقية الأميركية ستركز على التبادل التعليمي والطاقة والمياه، والاستثمار التجاري للشركات الأميركية في العراق والإصلاحات المصرفية.
كما ستتناول أيضا التعاون لتطوير فرص الأعمال والاستثمار، وزيادة الشفافية التجارية والمالية، وتعزيز المشاريع التي ستعمل على تحسين الخدمات المقدمة للشعب العراقي.
وقالت المسؤولة الأميركية “سيكون هناك فرصة للحديث عن الحفاظ على التراث الثقافي، والمناخ، والتخفيف من آثار تغير المناخ من خلال تنفيذ مشاريع المياه وزيادة أمن الطاقة لنا وللعراقيين وكذلك مساعدتهم في جهودهم لبناء استقلالهم في مجال الطاقة في المنطقة وأن يكونوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم وعلى بلدهم في مواردهم للقيام بالمزيد من ذلك”.
وتحدثت المسؤولة الأميركية عن تحقيق العراق تقدما في ما يتعلق بالطاقة الكهربائية لجهة ربط العراق بالأردن والسعودية والتقاط الغازات المهدورة في الجو.
وقالت: “نتوقع أنه بحلول عام 2030 سيكون العراق في وضع أفضل بكثير للحصول على مجموعة كاملة من الموارد، بما في ذلك الاكتفاء الذاتي إلى حد كبير إذا ظلوا على المسار الصحيح”.
فيما يتعلق بقضايا الاقتصاد ووقف الاعتماد على الطاقة الإيرانية وتهريب الدولار والسياسات المالية، يعتقد الشمري أنه لا تزال هناك رؤى لم يتم الاتفاق عليها بين بغداد وواشنطن.
ويواصل الشمري الحديث عن نقاط الخلاف مع واشنطن “كذلك هناك تباين في وجهات النظر بشأن قضايا حقوق الإنسان حيث تجد واشنطن أن هذا الملف تراجع في زمن الحكومة الحالية”.
من المرجح أيضا أن تطلب بغداد من واشنطن تخفيف القيود المفروضة على تدفق الإيرادات من مبيعات النفط العراقي.
ومنذ عام 2003، يجري الاحتفاظ بالأموال العراقية في حساب ضمن نظام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ويجري التعامل معها بناء على طلب بغداد.
ومنذ أواخر عام 2022، قيدت واشنطن تحويلاتها المالية للعراق لمنع غسل الأموال لصالح إيران وسوريا.
ويشدد الشمري أن “على السوداني وضع مقاربة تعمل على فك ارتباط العراق بإيران وهذا مهم جدا، وايضا الالتزام بالضوابط التي يتبعها البنك الفيدرالي”.
ما المطلوب من بغداد؟
يعتقد كورب أن “العراق يجب عليه أن لا يتورط على الإطلاق في مساعدة أي من الجماعات المسلحة في المنطقة كحماس والحوثيين وحزب الله وباقي الميليشيات الموالية لطهران”.
“والشيء الأهم هو أن يبقى العراق خارج الصراع الدائر حاليا في المنطقة وأن يمنع السوداني بقدر الإمكان، إيران من استخدام أراضي العراق في أي مناورات هجومية في المنطقة”، وفقا لكورب.
بالمقابل يعتقد الشمري أن “أبرز الملفات التي سيتم معالجتها تتعلق بالجانب الأمني حيث سيكون هناك وصول لاتفاق أمنى ثنائي يرسم شكل العلاقة بين الجانبين وشكل الوجود الأميركي داخل العراق”.
أيضا يتوقع الشمري توقيع بعض المذكرات الخاصة بجوانب تدعيم الإجراءات الاحترازية بالسياسة المالية.
ومع ذلك يرى الشمري أن “ما بعد الزيارة سيكون هو التحدي الأكبر للسوداني وحكومته على اعتبار أن الفصائل المسلحة تشعر بالقلق نتيجة تعهدات السوداني بتفكيك سلاحهم تدريجيا”.
ويضيف أن “هذا سيخلق مشاكل ويعرقل كل النتائج التي يتوصل لها العراق من خلال الاتفاقات الثنائية مع واشنطن”.