اراء

ما بين أزمتي أوكرانيا و”الصواريخ الكوبية”

ماجد توبة

تتباكى الولايات المتحدة الأمريكية والغرب اليوم على أوكرانيا بعد إعلان روسيا الحرب على هذه الدولة الجارة والمحاددة لروسيا، ويمتليء الفضاء الإعلامي والسياسي الغربي باقذع الأوصاف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، باعتباره يتحدى المجتمع والقانون الدوليين بخرق أمن وسيادة جارته.

ما تصمت عنه الماكينة الإعلامية والسياسية الأمريكية والغربية في هذه الأزمة الدولية غير المسبقة منذ الحرب العالمية الثانية، هو أن بوتين وروسيا لم يتركا منيرا ولا رسالة واضحة الا وقدماها للعالم منذ عدة سنوات، مفادها ان روسيا لن تسمح بحال بانضمام أوكرانيا لحلف الناتو بقيادة أميركا، وان امنها القومي سيكون مهددا في حال امتد “الناتو” لحدود روسيا، وهو ما لا يمكن لدولة عظمى ان تسمح به.

وعند استذكار التاريخ يمكن المقارنة بين أزمة أوكرانيا اليوم مع أزمة الصواريخ الكوبية مطلع ستينيات القرن الماضي، عندما استنفرت القيادة الأميركية برئاسة جون كيندي ووضعت العالم كله على رؤوس قدميه عندما تجرأ الاتحاد السوفياتي على إرسال صواريخ نووية لحليفته كوبا، المجاورة للولايات المتحدة، ما شكل تهديدا كبيرا للامن القومي الأميركي، وكاد يشعل حربا عالمية نووية بين قطبي الحرب الباردة حينها، لم يمنعها الا تراجع الاتحاد السوفياتي عن بناء قاعدة صواريخ له بكوبا.

الولايات المتحدة والغرب الحليف، الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن التدخل عسكريا، والاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية، ويتابعون من بعيد قضم الدب الروسي لأوكرانيا، هم من ورطوا أوكرانيا بهذه الكارثة باصرارهم على ضمها لحلف الناتو، وعدم احترام الأمن القومي الروسي واصرارهم على اللعب بالحديقة الخلفية لروسيا.

لا أعتقد أن خيار الحرب أمام روسيا كان مفضلا، فقد خاضت طويلا في الدبلوماسية للتحذير من المضي قدما بانضمام أوكرانيا للناتو ، كما أن العقوبات الاقتصادية لن تكون سهلة، لكن الولايات المتحدة والغرب أخطأ الرهان على إمكانية تمرير تهديد الأمن القومي الروسي دون عواقب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى