اراء

متى تكترث التربية بطلبة التوجيهي؟

لم يكن أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية الدكتور نواف العجارمة موفقا خلال حديثه في برنامج “صوت المملكة” مع الزميل عامر الرجوب، ولم يستطع أن يكون مقنعا في دفاعه عن قرارات وزارة التربية والتعليم المتعلقة بشكل وهوية ومدة التقدم لامتحانات الثانوية العامة.
العجارمة لم يتردد في التأكيد على أن الوزارة حريصة على مصلحة طلبة “التوجيهي”. مثل هذا القول، بالتأكيد، مجبر عليه كونه يتحدث من داخل المؤسسة، ولكن إن أخضعناه لسياق الواقع فسنرى أنه يرمي عرض الحائط بمطالب الطلبة العادلة التي يتوجب على وزارة التربية الاستجابة لها.
ما يريده الطلبة ليس مستحيلا، فهم يريدون مساواتهم مع طلبة العام 2020، ويبررون ذلك بأن ظروفهم التعليمية أصعب بكثير، حيث لم يتمكنوا من الحصول على بيئة دراسية مثالية تؤهلهم لأن يتحصلوا على الشرح والفهم، نظرا لغياب المدرسة والمدرس بشكل تفاعلي، بينما استطاع طلبة العام الماضي تمضية فصل دراسي كامل داخل الغرف الصفية.
بالنظر إلى الملاحظات التراكمية من الخبراء، وآلاف الشكاوى من الطلبة وأهاليهم على منصة “درسك”، فسنتأكد من أنها “أضعف الإيمان”، فهي عاجزة حتى اللحظة أن تحقق نسبة الرضا المطلوبة من قبل الطلبة. طلبة التوجيهي، لمن لا يعلم أو يتعامى عن العلم، أمضوا من أعمارهم 12 عاما دراسيا، وهم اليوم ينتظرون تكليلها بالإنجاز الأهم، وتجاوز هذه المرحلة نحو التعليم الجامعي.
وبالتأكيد، فإنه وبعد قرار الحكومة أمس بالتوجه نحو التعليم عن بعد، شاملا طلبة التوجيهي، فإن الوضع يزيد صعوبة عليهم، وتتبدى مسؤولية حكومية كبيرة تجاههم، إذ يتوجب عليها تأمينهم بالبيئة والظروف التمكينية التي تسهم في دفعهم إلى الإنجاز والعبور من هذا العام الدراسي الاستثنائي الذي تخيم عليه جائحة كورونا وتداعياتها.
خلال العام، لجأ معظم الطلبة إلى المراكز الثقافية التي أغلقت لفترة طويلة، وقد يطالها أي قرار إغلاق لاحقا، كما لجأوا إلى المدرسين الخصوصين، فكبدوا أهاليهم أموالا طائلة، ما كانوا ليتكبدونها لو حصل الطلبة على تعليم صحي، علاوة على معاناة الأهالي أنفسهم من عام استثنائي في صعوبته، بسبب الإغلاقات المتكررة، وانخفاض الدخول نتيجة توقف قطاعات كثيرة عن العمل، أو العمل في مؤسسات متضررة لا تمنح الموظف راتبا كاملا.
ما الذي ستخسره وزارة التربية إن استمعت إلى أصوات الطلبة، فتذهب إلى حذف الوحدة الأخيرة من كل مادة، وتعتمد الأسئلة الموضوعية بجميع المواد أسوة بطلبة العام الماضي؟ لن تخسر شيئا أبدا، إلا إذا أصرت الوزارة على معاندة أكثر من 150 ألف طالب وطالبة يدفعون الآن ثمنا باهظا لوباء كورونا، ولفشل التخطيط الحكومي، خصوصا في عملية التعليم عن بعد.
على وزارة التربية، أن تستعين ببعض التربويين والاجتماعيين وعلماء النفس ليساعدوها في تحليل شخصية طالب التوجيهي اليوم الذي يعيش حالة شديدة من الإرباك وعدم وضوح الرؤية بسبب الحالة الوبائية وما يترتب عليها من قرارات متلاحقة. حتما سيؤكد هؤلاء الخبراء أن ضبابية الحالة التعليمية في الأردن ستنعكس على قدرة الطلبة على التركيز، وبالتالي صعوبة التعامل مع المنهاج والامتحانات.
الطلبة ينتظرون هبة من السماء بأن يمن الله عليهم بقرارات حكومية تريح أعصابهم، وليس قرارات تزيد معاناتهم ومآسيهم. الأهالي دفعوا ثمن تعطل التعليم، فلا ضير أن نشاركهم هذا الثمن ونأخذ بأيدي أبنائهم، من أجل أن نتشارك جميعنا في عبور هذا العام الصعب.
لم نفقد الأمل بعد، وننتظر قرارا عقلانيا من وزارة التربية، بعيدا عن التعنت وعدم الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع.

الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى