اراء

مشاركة الأحزاب الجديدة في الانتخابات القادمة

ليث نصراوين

منذ أن جرى إقرار التشريعات الوطنية ذات الصلة بالتحديث السياسي والمتمثلة بإدخال تعديلات جوهرية على نصوص الدستور الأردني وإصدار قانونين جديدين للانتخاب والأحزاب السياسية في عام 2022، دبت في أوساط الدولة الأردنية حركة سياسية وحزبية نشطة استجابة لمتطلبات الإصلاح السياسي المنشود، والذي ستظهر أولى ملامحه في شهر أيلول القادم؛ موعد إجراء الانتخابات النيابية لاختيار مجلس النواب العشرين.

وقد تجلت مظاهر النشاط الحزبي والسياسي غير المسبوق في الأردن من خلال ما جرى تقديمه إلى الهيئة المستقلة للانتخاب من طلبات لتأسيس أحزاب جديدة، وأخرى لتوفيق أوضاع الأحزاب القائمة قبل نفاذ قانون الأحزاب السياسية الحالي رقم (7) لسنة 2022، حيث اشترطت المادة (40/ب) منه على الأحزاب المسجلة أن تقوم بتصويب أوضاعها بما يتوافق مع أحكام القانون خلال سنة واحدة من تاريخ نفاذه.

ويبقى التساؤل قائما حول وجود أية قيود تشريعية على الأحزاب السياسية للمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة، وذلك فيما يخص الأحزاب التي جرى إنشاؤها بعد نفاذ القانون في عام 2022 وتلك التي قامت بتوفيق أوضاعها بما يتماشى مع الأحكام المستحدثة في قانون الأحزاب السياسية الحالي.

إن التشريعات الوطنية ذات الصلة لم تفرق–وكقاعدة عامة–بين الأحزاب الجديدة التي جرى منحها الترخيص بالعمل الحزبي بعد عام 2022 وتلك الموجودة قبل ذلك التاريخ لغايات المشاركة في الانتخابات النيابية. فجميع الأحزاب الأردنية القائمة حاليا تعد مؤسسات وطنية يُسمح لها بالمشاركة في الحياة السياسية والعمل العام، وذلك بطرق سلمية ديمقراطية من خلال خوض الانتخابات بأنواعها، بما فيها الانتخابات النيابية، وتشكيل الحكومات أو المشاركة فيها وفقا لأحكام المادة (35) من الدستور.

إلا أن قانون الانتخاب قد فرض قيدا إجرائيا على مترشحي الأحزاب السياسية ضمن الدائرة الانتخابية العامة، حيث تنص المادة (13/د) منه بالقول «لا يجوز لأي عضو من أعضاء الحزب أن يترشح في القائمة الحزبية إلا إذا مر على انتسابه لذلك الحزب مدة لا تقل عن ستة أشهر على الأقل قبل يوم الاقتراع».

فهذا الحكم التشريعي، الذي يشمل الأحزاب السياسية التي جرى ترخيصها بعد عام 2022 وتلك القائمة قبل ذلك العام، يحظر على الأحزاب الأردنية اختيار مترشح عنها في القوائم الحزبية التي ستتنافس على المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية العامة وعددها (41) مقعدا، ما لم يكن قد مضى على انتسابه في الحزب السياسي مدة لا تقل عن ستة أشهر على الأقل من تاريخ الاقتراع، والذي حددت الهيئة المستقلة للانتخاب موعده في العاشر من شهر أيلول المقبل.

وتتمثل الفلسفة التشريعية من هذا الحكم القانوني المستحدث في ضمان أن يكون ممثل الحزب السياسي في القوائم الحزبية على اطلاع كامل بالمبادئ التي يقوم عليها الحزب الذي سيترشح عنه، وبأن يكون ملما ببرامجه وأهدافه التي سيسعى إلى تحقيقها في حال وصوله إلى البرلمان وعضويته في السلطة التشريعية.

وحيث إن هذه الأسباب والمبررات التشريعية في أعضاء الحزب السياسي تقتصر فقط على المترشحين في القوائم الحزبية، فقد كان المشرع الأردني موفقا في قصر نطاق الشرط المتعلق بانقضاء مدة ستة أشهر على عضوية المترشح في الحزب السياسي على القوائم الحزبية التي ستتنافس في الدائرة الانتخابية العامة فقط دون القوائم المحلية، وذلك بصريح النص القانوني. وعليه، فإنه يحق لأي عضو في حزب سياسي أن يترشح ضمن القوائم الانتخابية لهذا الحزب في أي من الدوائر المحلية، وذلك دون الحاجة إلى إعمال شرط العضوية لمدة ستة أشهر في ذلك الحزب السياسي.

ويبقى الحديث عن الأحزاب السياسية الجديدة التي لم ينقض على ترخيصها مدة ستة شهور من تاريخ الاقتراع في شهر أيلول القادم، فإنها تعد تنظيمات وطنية قائمة ومعترف بها وفق أحكام القانون. بالتالي يثبت لها كافة الحقوق والامتيازات المقررة للأحزاب الأخرى، والتي تتمثل بحقها في الترشح ضمن قوائم محلية في أي من الدوائر الانتخابية المحلية دون الدائرة الانتخابية العامة. كما يحق لهذه الأحزاب المستحدثة أن تشكل ائتلافات سياسية بهدف العمل مع باقي الأحزاب الأخرى التي ستخوض الانتخابات القادمة من أجل تحقيق غايات مشتركة، وذلك عملا بأحكام المادة (30) من قانون الانتخاب الحالي.

كما يمكن للأحزاب الجديدة أن تندمج في أحزاب سياسية قائمة، أو أن تقوم بتشكيل تحالفات حزبية مع أحزاب سياسية أخرى لغايات خوض الانتخابات النيابية، طالما أنها ملتزمة بالقيد المتعلق بمدة العضوية في الحزب السياسي لغايات الترشح ضمن القوائم الحزبية عن الدائرة الانتخابية العامة، وذلك وفق أحكام المادة (31) من قانون الانتخاب النافذ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى