احداث اقتصاديةاقتصاد

وظائف المستقبل تفرض تغيير الخطط.. كيف يستعد الأردن؟

ما تزال وظائف المستقبل، تقرع الجرس للتنبيه الى أن الفترة المقبلة، ستشهد تغييرات جذرية في أنماط العمل والوظائف، تتفق مع معطيات التقدم التكنولوجي المتسارع، والحاجة الكبيرة للدول، لملاحقة ما يطرأ من تطورات في الأعمال والصناعة والاقتصاد، لتبقى على صلة بالتغييرات التي تحدث في سوق العمل والوظائف

وفي هذا النطاق، رأى خبراء، أن مثل هذه الصلة تتمثل بتغير مفاهيم عديدة في التعليم، لتتواءم مخرجاته مع وظائف المستقبل.

ولكنهم بينوا أنه في ظل تدني الأجور وعدم التوسع في الحمايات الاجتماعية، وضعف الاستفادة من تجارب دول، ركزت على الربط بين التدريب والتعليم وسوق العمل ومواكبة التطور الاقتصادي العالمي، فإن الحكومة تخلق ما يشبه الهوة بين ما يتطلبه سوق العمل وما يتطلبه المستقبل.

وأشار الخبراء في تصريحاتهم لـ”الغد”، الى أن مجرد الحصول على شهادة جامعية لم يعد كافيا للوصول إلى الوظيفة، بل يتطلب مهارات عديدة في ظل التغيرات التي تحدث في سوق العمل.

وقد بلورت هذا التصور عن وظائف المستقبل، ورقة سياسات، أصدرها منتدى الإستراتيجيات الأردني، بعنوان “هل الأردن مستعد للوظائف المستقبلية (2023-2027)”، استهلت الحديث في مقدمتها عن أهم تحد يواجه الاقتصاد الأردني، وهو البطالة، والإجراءات الواجب اتباعها للاستعداد لوظائف المستقبل.

كما سلطت الضوء على محور “الريادة والإبداع في المحركات الثمانية لتحقيق رؤية التحديث الاقتصادي، وتضمنت استحداث مليون فرصة عمل جديدة بحلول عام 2033، إذ يشمل هذا المحور، تنمية الطفولة المبكرة والتعليم الأساسي والثانوي، والتعليم العالي، والتعليم والتدريب المهني والتقني.

رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة الأردني عزام الصمادي، رأى أن أهمية الأهداف الواردة في الورقة لقطاع التعليم، لا تتواءم مع خطة التحديث الاقتصادي، لأنها بحاجة لسنوات طويلة لإعداد جيل متعلم قادر على التفكير الناقد، وحل المشكلات والتعلم الدائم، والايمان بالقيم الإنسانية والاعتزاز بالهوية الوطنية.

ولفت الصمادي، إلى عدم إمكانية تحقق ذلك، بوضع 10 مبادرات لتنمية الطفولة المبكرة و12 أخرى للتعليم الأساسي والثانوي، و8 للتعليم العالي و15 للتعليم والتدريب المهني والتقني، بحيث توجد فجوة كبيرة بين ما يكتب على الورق وأرض الواقع.

وبين أن الورقة، تهدف لوضع تحدي البطالة في سياقه من حيث الحجم والهيكلة، وتحديد موقع الأردن على مؤشر جاهزية الدول لتبني التكنولوجيا الرائدة، إذ تبين ارتفاع نسب البطالة وأثرها الاجتماعي والاقتصادي.

ويشير إلى تراجع مرتبة الأردن عالميا، بحيث يظهر ضعف أدائه، مقارنة بدول عربية، من دون أن تؤشر بوضوح إلى أسباب التراجع والضعف، وفق الصمادي، الذي لفت الى أن الورقة تتوقع حدوث تغيرات هيكلية في السوق خلال الاعوام الخمسة المقبلة بنسبة 23 %، ما سيؤدي لانخفاض في صافي الوظائف 2 %، إذ لم تؤشر الورقة لكيفية استعداد الأردن للانخفاض ما يعني ارتفاع نسب البطالة.

ولفت إلى أن الورقة تشير إلى استنتاج الشركات المشاركة في الاستطلاع الذي نفذه المركز، بأن أفضل ثلاث طرق لاستقطاب المواهب تكمن في: أسس التقدم الوظيفي والترقية، والأجور العالية، وتنمية المهارات وإعادة تشكيلها بشكل فعال، لكنها لم تكشف عن كيفية مواءمة تلك الطرق وطنيا، في ظل تدني الأجور وحرمان العاملين دون الـ30 من الحمايات الاجتماعية، وفق تعديلات قانون الضمان الأخيرة.

ورأى الصمادي، أن التوصيات لم تشر لطرق تحسين مرتبة الأردن في مؤشر جاهزية الدول في تبني التكنولوجيا الرائدة، فنحن نضع القوانين التي تعرقل ذلك، ومشروع قانون الجرائم الإلكترونية الأخير دليل على هذه العرقلة، إذ إنه سيسهم في حال إقراره بتأثير سلبي على الاستثمار في قطاع التكنولوجيا، وتدني مستخدمي الإنترنت، تخوفا من تبعاته، بمعنى سيعمل هذا القانون، بعكس متطلبات تحسين مرتبة الأردن في المؤشر.

وقال “بتقديري، فإن تنفيذ مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي، تحتاج لرؤية وطنية شاملة وليست رؤية مجتزأة، تتعامل مع القطاعات والتشريعات التي تحكمها بشكل منفصل عن الآخر”.

رئيس بيت العمال حمادة أبونجمة قال “نحن نعيش في عصر التكنولوجيا، بما يعني أن وتيرة الحياة تتغير باستمرار، وبرغم الأثر الإيجابي الكبير لها في حياتنا لكنها في الوقت نفسه تخلق الكثير من التحديات، بخاصة في سوق العمل، فمؤخرا تغير سوق العمل بشكل كبير، وتغيرت معه المهارات المطلوبة للوظائف”.

وأضاف أبونجمة، أن سوق العمل ليس ثابتا لكنه ديناميكي يتغير باستمرار، ومجرد الحصول على شهادة جامعية لم يعد كافيا أبدا للوصول إلى الوظيفة التي نتمناها، فالأمر يتطلب أكثر من ذلك، بخاصة المهارات، فكلما امتلكنا المزيد منها زادت فرصنا بتحقيق النجاح.

ورأى أن هناك أثرا إيجابيا للمهارات على إمكانية توظيف الشباب والإنتاجية، والدور الذي يلعبه القطاع الخاص بتطوير المهارات في التعليم وأنظمة التدريب.

وبين أبونجمة، أن القواعد التقليدية للتعليم والتأهيل لم تعد الضمانة الوحيدة الكافية لتأمين فرص العمل والعيش الكريم، ما لم تعزز بمهارات الاتصال وفن التعامل النفسي والاجتماعي وحسن إدارة الوقت، واستثمار الممكن، وطرق الاكتساب المستمر للمهارات في مختلف مراحل الحياة.

وأكد أن مفهوم المهارات، على سلم أولويات الإستراتيجيات الوطنية للتشغيل في معظم دول العالم، بخاصة فيما يتعلق بتنظيم انتقال الشباب من الدراسة الى الوظيفة، وفق آليات ممنهجة ومدروسة وآمنة ومتناغمة، تلبي احتياجات الأطراف جميعها.

وأوضح أنه يجب الاستفادة من تجارب الدول التي تقدمت في هذا المجال، وركزت على الربط بين التدريب والتعليم وسوق العمل ومواكبة التطور الاقتصادي العالمي، كما يجب بناء شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص، وإحداث جيل من المؤسسات القطاعية المتخصصة بإكساب المهارات في سوق العمل.

وقال أبونجمة، ولهذه الغاية أنشئت هيئة تنمية المهارات لتأمين قوى بشرية، تمتلك المهارة والخبرة المهنية والتقنية، لتلبية احتياجات السوق، والمشاركة في المشاريع الريادية.

وأكد أن تحفيز الشباب على الالتحاق بالتدريب والتعليم المهني والتقني، يسهم بخلق فرص عمل وترسيخ مفهوم ريادة الأعمال، وحل مشكلتي الفقر والبطالة ومضاعفة النمو الاقتصادي، مبينا أن النتائج المأمول تحقيقها على سوق العمل عبر الهيئة، ما تزال غير ملموسة، وقد يتطلب الأمر وقتا أطول لتحقيقها، موضحا أن برامج التدريب ما تزال غير منسجمة مع احتياجات السوق كما ونوعا، ولا تواكب التطورات القائمة في الأعمال والصناعات والتقدم التكنولوجي، ما يساعد بتشجيع الشباب للإقبال عليها، ولا يشجع أصحاب العمل على تلقي مخرجاتها.

الخبير الاقتصادي جواد عباسي، رأى أن مخرجات الورقة منطقية، بخاصة بشأن وجود مهارات تلبي احتياجات السوق، في ظل المتغيرات الجديدة، لافتا الى أنه ينقض خريجي الجامعات، الكثير من الأساسيات المطلوبة للسوق، ومن ضمنها اتقان اللغتين العربية والإنجليزية ومهارات الاتصال والكمبيوتر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى