دوليعربي ودولي

“الطرف “الثالث”.. هل يحسم نتيجة سباق الرئاسة الأميركية؟

من المتوقع أن تشهد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر المقبل منافسة معادة بين الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، والرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن المنافسة باتت شبه محسومة بين المرشحين وستكون متقاربة للغاية، مما يعني أنهما سيكونان في أشد الحاجة إلى جمع أكبر عدد من الأصوات.

ومع دخول “أطراف ثالثة” السباق، يبدو أن المسألة ستكون أكبر صعوبة، فهؤلاء المرشحين يمكن أن يلعبوا دورا في تحديد ساكن البيت الأبيض لأربعة أعوام مقبلة.

وتشير مجلة إيكونوميست إلى ما حدث عام 2000، عندما خسر آل غور، المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، السباق الرئاسي أمام الجمهوري جورج بوش، في سباق متقارب للغاية بعد إعادة فرز الأصوات في ولاية فلوريدا.

في ذلك الوقت، وجه جو بايدن، عضو مجلس الشيوخ وقتها، غضبه نحو المرشح اليساري، رالف نادر، الذي فاز بـ 97.488 صوتا في فلوريدا، وهو أكثر بكثير من هامش خسارة غور البالغ 537 صوتا. وقال بايدن: “لقد كلفنا نادر الانتخابات”.

وبعد مرور ما يقرب من ربع قرن، أصبح بايدن المرشح الديمقراطي في سباق من المرجح أن يكون متقاربا أيضا.

وتقول المجلة إنه مع دخول مرشحين آخرين السباق، ومع تقارب استطلاعات الرأي بالنسبة لبايدن وترامب، فمن المحتمل للغاية أن تتمكن هذه الأطراف الثالثة من ترجيح الانتخابات في أي من الاتجاهين.

ويبدو أن نسبة ليست صغيرة من الناخبين الأميركيين يرغبون في التصويت لصالح مرشحين من خارج الحزبين الكبيرين، حسبما وجد استطلاع أجرته شركة “إيبسوس” في يناير.

ووجد الاستطاع أن ثلثي الناخبين سئموا من رؤية نفس المرشحين في الانتخابات الرئاسية ويريدون مرشحا جديدا، وأظهر الاستطلاع نفسه أن ربع الأميركيين فقط “راضون” عن نظام الحزبين.

ورغم أنه تاريخيا، لم تتمكن أحزاب وأطراف ثالثة من الفوز بالرئاسة، يبقى بإمكانها التأثير على نتائج الانتخابات.

وفي عام 2000، اجتذب نادر أصوات عدد من الناخبين كان يمكن أن يصوتوا لصالح غور في انتخابات كانت متقاربة بشكل استثنائي، وكان يمكن لـ0.55 في المئة فقط من مؤيديه في فلوريد،ا لو صوتوا لصالح غور، تغيير النتيجة.

لذلك فإنه إذا لم يكن نادر موجودا على بطاقات الاقتراع، لكان من المؤكد تقريبا أن يكون غور هو الرئيس الثالث والأربعين للولايات المتحدة، وليس بوش الذي فاز بالنهاية بصعوبة بالغة.

وفي سباق 2024، قد يتكرر السيناريو في انتخابات ستكون متقاربة، مع دخول مرشحة حزب الخضر جيل شتاين، والمستقل كورنيل ويست.

ويحظى مرشح مستقل آخر، هو روبرت كينيدي، بشعبية، إذ بلغت نسبة تأييده في بعض الاستطلاعات الأخيرة 18 في المئة.

وفي ولاية كاليفورنيا، معقل الديمقراطيين، كشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز بالتعاون مع معهد الدراسات الحكومية بجامعة كاليفورنيا أن بايدن “سيكون محظوظا بتحقيق نصف الهامش الذي حققه في انتخابات عام 2020”.

ففي عام 2020، تغلب بايدن على ترامب في كاليفورنيا بأكثر من 29 نقطة، ليجمع هامشا على مستوى الولاية يزيد عن 5 ملايين صوت، هو الأكبر في تاريخ الانتخابات الرئاسية.

لكن الاستطلاع الجديد وجد أن بايدن يتقدم على ترامب بفارق 18 نقطة على مستوى الولاية، وهذا التقدم ينخفض إلى 12 نقطة عند ضم المرشحين الآخرين، إذ وجد الاستطلاع أن شتاين وويست “يسحبان” الدعم من بايدن.

وفي الولايات المتأرجحة، قد يكون تأثير هؤلاء المرشحين كافيا لتغيير النتيجة.

ولا تحظى شتاين وويست بقدر كبير من الدعم (ما بين 2 و3 في المئة)، ولكن هذه النسبة يكون لها تأثير في الولايات المتأرجحة.

وفي عام 2016، كان عدد أصوات شتاين أكبر من هامش هيلاري كلينتون في 3 ولايات متأرجحة، مما دفع الديمقراطيين إلى اتهامها بأنها كانت بين أسباب فوز ترامب بالانتخابات.

ويسلط استطلاع آراء الناخبين في كاليفورنيا الضوء على المشكلات التي قد يواجهها بايدن أيضا بينما يسعى للبقاء أربع سنوات أخرى في البيت الأبيض.

ووجدت مجلة إيكونوميست أيضا في استطلاعات أجرتها أن بايدن يتخلف عن ترامب بنسبة 1.9 نقطة مئوية، ومع إدراج مرشحي الطرف الثالث، تزداد الفجوة إلى 4.6 نقطة، وهو ما يعني أنه إذا استمر تأثير الأطراف الثالثة، فربما يجد بايدن صعوبة في الفوز بالانتخابات.

وتشير إيكونوميست إلى معضلة أخرى هي أن 23 في المئة فقط من الناخبين الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية متحمسون لترشيح بايدن، في حين أن 48 في المئة من الجمهوريين متحمسون لترامب، وفقا لاستطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا.

وعلاوة على ذلك، دخلت المنافسة حركة “لا للملصقات” التي تسعى لاستمالة الناخبين الوسطيين من الحزبين، باعتبارها حركة ترفض فكرة اقتصار الساحة على مرشحي هذين الحزبين فقط.

وقالت الحركة إنها تريد أن تضمن “أن يكون للأميركيين خيار التصويت على مرشحين أقوياء وفعالين وصادقين”، ونشرت  أجندة تحتوي على 30 فكرة تهدف إلى جذب ناخبي الوسط.

لكن الحركة واجهت صعوبة في العثور على شخص يحمل لواءها بعد تخلي بعض السياسيين البارزين عن الترشح لصالحها، مثل لاري هوغان، الحاكم الجمهوري السابق لولاية ماريلاند، والديمقراطي جو مانشين، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي عن ولاية ويست فيرجينيا.

وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن أشخاص مطلعين، الجمعة، بأن الحركة تدرس اختيار جيف دنكان، نائب حاكم جورجيا الجمهوري السابق.

ورغم الحديث عن قوة مرشحي الأطراف الثالثة، تقول إيكونوميست إن استطلاعات الرأي قد لا تستطيع أحيانا التنبؤ بالنتيجة النهائية، وهذا ينطبق بشكل خاص على مرشحي الطرف الثالث.

وتتوقع سكارليت ماغواير، من شركة جي أل بارتنرز لاستطلاعات الرأي والأبحاث، أن يتراجع دعم كينيدي، على وجه الخصوص.

وعلى أي حال، فإن الدعم لمرشحي الطرف الثالث يميل إلى التضاؤل في استطلاعات الرأي، أو أن ينتهي به الأمر إلى مستوى أقل من المتوقع في استطلاعات الرأي مع قرب موسم الانتخابات.

ففي استطلاعات انتخابات 2016، على سبيل المثال، قال 11 في المئة إنهم سيصوتون لأطراف ثالثة. ولكن عندما حان وقت الجد، لم يفعل ذلك سوى 6 في المئة.

ورغم أن الاستياء الواسع النطاق من اختيار بايدن أو ترامب قد يدفع الناخبين إلى التفكير في مرشحين آخرين، فإن الشعور بالخطر، عندما يدلون بأصواتهم فعليا، تجاه النتيجة قد يدفعهم إلى التمسك بأحد المرشحين على كل حال.

وقد يكره الناخبون انتخاب ترامب وبايدن، لكن يبدو أن معظمهم على استعداد للتصويت لمن يعتبرونه “أهون الشرين”، وفق تعبير المجلة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى