الاخبار الرئيسيةحوادث

تصوير حوادث السير.. إفجاع للمواطنين

رؤيا نيوز – لم يعد نقل الأحداث معتمدا على الهاتف الأرضي الأوحد في القرية، ولا على اتصال من هاتف محمول قديم، بل أصبح يجول كافة أنحاء العالم بكبسة زر واحدة على هاتف ذكي قادر على الجمع بين الصوت والصورة معا، ويرسلها خلال ثوان معدودة.

والأردن ليس بمنأى عن العالم، فهو أيضا يشهد تماشيا جيدا مع هذه الثورة التكنولوجية في عالم الاتصال، حيث وظّفها بعض المواطنين لنقل الأحداث بشكل سريع وموثق عبر مواقع التواصل الاجتماعي بما فيها نقل وقائع حوادث السير مباشرة.

وشهد لواء بصيرا خلال الأعوام الخمسة الأخيرة حوادث سير مفجعة لعدد من أبنائه، حيث تم توثيق ونقل هذه الحوادث فور وقوعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال عدد من الهواة الذين لا يلبثون أن يشاهدوا حادث سير حتى يخرجوا هواتفهم من جيوبهم ويبدأوا التصوير لنقل وقائع حوادث السير مباشرة.

يقول علاء المسيعديين «كنت أتصفح موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك كالمعتاد، وخلال تصفحي وجدت مقطع فيديو يوثق انقلاب باص صغير على الطريق الصحراوي يشبه الى حد كبير ذلك الذي يملكه والدي، والذي كان فعلا يتجه الى العاصمة عمان يومها برفقة أختي الصغيرة».

ويضيف المسيعديين، أن مصور الفيديو كان يقول خلال التصوير أنه تم انتشال جثتين من الباص أحداها لرجل خمسيني وأخرى لطفلة صغيرة، مما جعلني أمعن النظر في الباص جيدا حتى تأكدت أنه لوالدي وأن الجثث هي من عائلتي، فهرت مسرعا الى مركبتي وانطلقت بسرعة عالية باتجاه المستشفى، حيث كنت اتخيل خلال الطريق جثث والدي وأختي المتهالكتين.

ويضيف، أنه عندما وصلت المستشفى وجدت والدي ممدا على السرير وحالته الصحية متوسطة، أما أختي فقد كسر إبهامها فقط وبعض الخدوش في جسدها، مما أثار حفيظتي حول ذلك الشخص غير المسؤول الذي صور الحادث الذي نتج عنه وفاتان على أقل تقدير، وتسبب بإفجاعنا، وقد يتسبب يومها في وفاتي أنا بسبب سرعة مركبتي العالية حينما كنت متجها إلى المستشفى.

أما عامر الزيدانيين فقد أوضح أنه وخلال تصفحه لموقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وجد أحد الفيديوهات المباشرة والمعنونة ب «حادث سير مفجع على الصحراوي»، حيث كان محتوى الفيديو يتضمن مركبة فضية اللون، وتحمل مواصفات مركبة والده، حيث كان والده ووالدته وزوجته وابنته الصغيرة فعلا قد انطلقوا في ذلك اليوم من مدينة الزرقاء باتجاه لواء بصيرا.

ذلك الفيديو استدعى الزيدانيين الاتصال مرات عدة على هاتف والده وزوجته مرات عدة لكن بلا رد، مما لم يدع مجالا للشك أن مكروها قد أصاب عائلته، فانطلق بمركبته الى الطريق الصحراوي وهو يضع السيناروهات لعدد الوفيات بينهم، وخياله المستند على الفيديو الذي شاهده يجذبه تارة نحو أشكال جثث عائلته، وتارة أخرى عن حال ابنته الوحيدة.

ويضيف، أنه وفي سياق تلك السيناريوهات المرعبة، وقد اجتاز ثلث الطريق، اتصل والده به، هادئا مطمئنا، فسأله الابن عن حالتهم، ليخبره والده أنهم لم يستطيعوا الرد على اتصالاته لأنهم كانوا منخرطين في صلاة الجماعة بإحدى الاستراحات على الطريق الصحراوي، لينهار الشاب حينها بكاء ممزوجا بالفرح،ويخبر والده عما حدث معه، مستهجنا هذا الاستهتار بمشاعر الناس ومدى الخطورة الصحية التي قد تلحق بهم بسبب هذا التصوير الذي لا يجني مصوره أي فائدة منه.

وكانت دائرة الافتاء العام قد أكدت على عدم جواز تصوير المتوفين والمصابين خلال حوادث السير لما فيه من انتهاك لحرمة الاخرين والاعتداء على كرامة الإنسان التي صانتها شريعتنا الإسلامية بقول الله تعالى:

وَلَقَد كَرَّمنَا بَني آدَمَ الإسراء:70.

وأوضحت أنها استندت في هذه الفتوى على أن هذا التصوير يعد من حالات التجسس على الغير، مشيرة إلى قوله تعالى: وَلَا تَجَسَّسُوا الحجرات: 12، إضافة الى ان تصوير الإنسان في الأحوال الطبيعية بغير إذنه لا يجوز شرعاً، وأنه مما لاشك فيه أن حوادث السير مؤلمة, وأشد ما تكون على المصابين وأهاليهم, والموت مصيبة المصائب، قال الله تعالى: فَأَصَابَتكُم مُصيبَةُ المَوت المائدة: 106.

وتساءل الناشط الاجتماعي والمشرف على عدة صفحات تواصل اجتماعي نضال الشرايدة عن الأهداف المرجوة من تصوير الجرحى والوفيات في حوادث السير، والتي تنتهك حرماتهم، بلا أية فائدة للشخص المصور، مؤكدا على أنه شهد حوادث مباشرة، لكنه لم يخرج هاتفه للتصوير أبدا، بل استغل فترة التصوير بتقديم العون والمساعدة للجرحى وتغطية الجثث احتراما وصونا لخصوصيتهم وكرامتهم.

وأوضح الناشط الحقوقي حسن المزايدة أنه يجب تحديد عقوبة قانونية مشدّدة لكل من يلتقط أو يشارك حوادث السير، ويتسبب بنشر الهلع بين المواطنين، ويربك الرأي العام من خلال بعض الفيديوهات التي يلتقطها أو يشاركها بلا دراية كاملة بالبعد الانساني، والديني، والأخلاقي، لضحايا الحوادث وذويهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى