اراء

سندات الدين المحلي: تنافس أم احتكار؟

عصام قضماني

تمثل سندات الدين المحلي التي يطرحها البنك المركزي الأردني نيابة عن الحكومة الأموال التي تقترضها الأخيرة من البنوك ومن صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي لأغراض تمويل العجز في الموازنة او لتمويل مشاريع وخدمات تقدمها الحكومة.

هناك اعتقاد خاطئ بأن الحكومة تمنح هذه السندات لبنوك محددة او تفرضها على صندوق استثمار اموال الضمان ويتبع هذا الاعتقاد بأن الصندوق هو أكبر مقرض للحكومة والصحيح أن هذا اللبس نتج عن أن تركزات الدين العام المحلي ليس في جهة او مؤسسة مقرضة واحدة لكن لان «الضمان» جهة من بين هذه الجهات فيظن المتابعون انه الاكبر من بين الدائنين فهو يحمل أكبر عدد وقيمة، بينما أن مجموع الدائنين أكبر من ذلك بكثير هم البنوك الدين يحمل كل منهم على حدة حصة فيها أو أنها جمعت لتبين أنها أكبر مما يحمله «الضمان»، لكن لأن صندوق الضمان محاط بنظرة حساسة فمن الطبيعي أن يتولد مثل هذا الانطباع!.

اما الاهم ببساطة ان العملة تخضع للمنافسة، بين المقرضين والمعيار فيها هو اسعار الفائدة فكلما كانت اقل كلما فاز العرض المناسب، أم أن هناك من يعتقد أن الحكومة ترغب في دفع اسعار فوائد اعلى فتذهب لعرض هذه السندات في عطاء مغلق وملزم لجهة واحدة مثل «الضمان» باعتبار أن الحكومة تقترض من نفسها.

مفهوم أن الحكومة تقترض من نفسها هو انها تقترض بالعملة المحلية التي يصدرها البنك المركزي كما ان اطفاء هذا الدين يتم ايضا بالعملة المحلية وليس لانها تقترض من الضمان او من البنوك المحلية.

يطرح البنك المركزي السندات بطلب من الحكومة في عرض عام مًوجه للبنوك المحلية ومؤسسات تسمح لها قوانينها ان تفرض مثل صندوق الضمان ويتلقى البنك المركزي عروضا من هذه الجهات التي تتنافس لحصد ما تحدده منها تبعا لاسعار الفائدة التي تعرضها

ليس بالضرورة ان يفوز الضمان في شراء هذه السندات طالما ان عرضه لم يكن منافسا وفق المعايير.

اما عن تباطؤ الحكومة او تاجيلها السداد فهذا ليس ممكنا، ليس لانها ملتزمة وهذا صحيح بل لان المعايير الدولية والمراقبة الحثيثة لا تسمح لها ان تتقاعس، فهي ان ارجأت اطفاء هذه السندات في تواريخ اجالها لاسباب غير مقنعة مثل الجدولة فلن تحوز على ثقة المفوضين الدوليين، كما ان مؤسسات التصنيف الدولية واهم معاييرها هي كفاءة ادارة الدين العام بالمرصاد.

نقول ذلك لان هناك من يقول ان الحكومة اثقلت على صندوق الضمان والحقيقة ان الصندوق هو المستفيد، عوائد مضمونة وسداد في توقيت محدد ومخاطر تعادل صفر.

لنفترض ان الضمان لم يدخل في هذه المنافسة وتبقى على امواله في البنوك، النتيجة ان البنوك ستقوم باقراض هذه الاموال للحكومة او للغير باسعار العوائد السائدة مقابل ٤٪ او ٥٪ عوائد للضمان فايهما افضل.

عوائد سندات الحكومة في الوضع الراهن افضل من افضل استثمار في اي من القطاعات المهمة بما فيها الاسهم.

محفظة الضمان نمت والفضل في الجزء الاكبر من هذا النمو هو الدخل المتحقق من محفظة السندات بقيمة 431.4 مليون دينار محفظة السندات في صندوق الضمان تشكل ما نسبته 55.6% من المحفظة الكلية للصندوق، وهي نسبة آمنة وتحت الـ ٦٠٪ التي. يحددها السقف.

هذه اموال الأردنيين كما يقال، فهل تنميتها بشتى السبل خيار أفضل لاستمرار قدرة «الضمان» على الوفاء بالتزاماته نحو مدخريه ومنتسبيه أم تجميدها بحجة الحفاظ عليها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى