دوليعربي ودولي

ما الأزمة بين ولاية تكساس والحكومة الفيدرالية الأميركية؟

تواجه إدارة الرئيس جو بايدن أزمة حادة مع ولاية تكساس الأميركية، بعد رفض حاكمها جريج أبوت قرار المحكمة العليا بإزالة الأسلاك الشائكة التي نصبها على الحدود الجنوبية للولاية مع المكسيك، فيما يستمر المهاجرون غير الشرعيين في دخول البلاد بأعداد قياسية.

ويعتقد حاكم تكساس أن الولايات تمتلك حقاً دستورياً في حماية حدودها، وأن الحكومة الفيدرالية لم تفعل ما يكفي لمنع المهاجرين من عبور الحدود، ويدعمه في موقفه العديد من حكام الولايات الجمهوريين، وكذلك الرئيس السابق دونالد ترمب.

من جانبها، ترى إدارة بايدن أن السيطرة على الحدود من اختصاص الحكومة الفيدرالية، وأن قرار المحكمة العليا يحترم هذا الترتيب الدستوري، ودعت أبوت إلى إزالة الأسلاك الشائكة، إلا أنه يرفض ذلك.

كيف بدأت الأزمة؟

يعتبر استخدام الأسلاك الشائكة على أجزاء من الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك شائعاً، لمنع المهاجرين غير الشرعيين من العبور.

وفي مايو 2021، وسّع حاكم ولاية تكساس جريج أبوت استخدام تلك الأسلاك، عندما أمر بإعلان “حالة الكارثة” على الحدود، مما سمح له بتركيب السياج على الممتلكات الخاصة بالقرب من نهر ريو جراندي، وفق تقرير لمجلة “نيويورك”.

وفي أكتوبر الماضي، رفع المدعي العام في تكساس كين باكستون، دعوى قضائية ضد إدارة بايدن، بسبب إزالة عملاء الجمارك وحماية الحدود هذه الأسلاك.

دورية أميركية تراقب مركزاً في الهواء الطلق يضم مهاجرين في ولاية تكساس. 20 ديسمبر 2023 – Reuters

وكان العملاء الفيدراليون يقطعون الأسلاك الشائكة لإنقاذ المهاجرين المعرضين للخطر، والذي زعمت الدعوى القضائية أنه تدمير لممتلكات الدولة “لمساعدة” المهاجرين في العبور، وفق صحيفة Texas Tribune.

وبعد تراجع في محاكم الاستئناف، قضت المحكمة العليا، الأسبوع الماضي، بقرار مقتضب بأغلبية 5 أصوات مقابل 4، بإيقاف مؤقت لحكم محكمة الدرجة الأقل الذي منع عملاء الجمارك وحماية الحدود من قطع الأسوار.

ويقول الخبراء القانونيون إن سبب قرار المحكمة العليا، هو نص دستوري يشير إلى أن السيطرة على حدود البلاد هو “مسألة فيدرالية” وليس من اختصاص الولايات.

أبرز تطورات الأزمة الحدودية في تكساس:

مايو 2021: حاكم تكساس جريج أبوت يأمر بتركيب الأسلاك الشائكة على الحدود الجنوبية للولاية.

أكتوبر 2021: المدعي العام في تكساس كين باكستون يرفع دعوى قضائية ضد إدارة بايدن بسبب إزالة العملاء الفيدراليين للأسلاك الشائكة.

يناير 2024: المحكمة العليا تقضي بأغلبية 5 أصوات مقابل 4 بإيقاف مؤقت لحكم محكمة الدرجة الأقل الذي منع العملاء الفيدراليين من قطع الأسلاك.

24 يناير 2024: حاكم تكساس جريج أبوت يرفض طلب وزارة الأمن الداخلي بمنح حرس الحدود حق الوصول إلى منتزه يعبر منه المهاجرون.

تحدي قرار المحكمة العليا

أصدر أبوت بياناً، نهاية ديسمبر الماضي، زعم فيه أن “الحكومة الفيدرالية انتهكت الاتفاق بين الولايات المتحدة (النظام الفيدرالي) والولايات”، من خلال فشلها في منع المهاجرين من عبور الحدود.

وأشارت صحيفة Texas Tribune في 24 يناير الجاري، إلى أن عناصر الحرس الوطني في تكساس وقوات الولاية، استمروا في مد الأسلاك الشائكة، ومنعوا حرس الحدود الفيدراليين من الوصول إلى منتزه “شيبلي”، الواقع على ضفة نهر “ريو جراندي”، حيث يعبر آلاف المهاجرين.

ويعد منتزه “شيبلي” إحدى نقاط العبور الشهيرة للمهاجرين، إذ وضع مسؤولو إنفاذ القانون في تكساس أسلاكاً على طول ضفة نهر المنتزه، فضلاً عن إشرافهم على وصول المياه إلى المنتزه.

مهاجرون يعبرون نهر ريو جراندي إلى الولايات المتحدة. تكساس. 27 سبتمبر 2023 – Reuters

وفي 14 يناير، غرقت امرأة وطفلان هناك، وقال حرس الحدود إن قوات الحرس الوطني في تكساس “منعتهم” من الوصول إلى الحديقة لإنقاذهم، فيما قال الحرس الوطني في تكساس إن هذا “غير دقيق”.

وطالبت إدارة بايدن المدعي العام في ولاية تكساس بمنح حرس الحدود الفيدراليين حق الوصول الكامل إلى المنتزه، حيث يعتقل ضباط إنفاذ القانون بالولاية المهاجرين الذين يعبرون إلى الولايات المتحدة، وفق شبكة NBC.

هل هناك خطر نشوب حرب أهلية في أميركا؟

وسط التوترات في تكساس بشأن الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، رد نائب حاكم الولاية دان باتريك على سؤال حول إمكانية نشوب “حرب أهلية”، قائلاً إن الولاية “لا تريد مواجهة مع إدارة بايدن”.

وعندما سئل باتريك في مقابلة مع شبكة FOX NEWS، عن احتمالية تحول هذا الوضع إلى “حرب أهلية”، رد قائلاً: “نعتقد دستورياً أننا على حق، ولدينا الحق في الدفاع عن مواطنينا، ولدينا الحق في الدفاع عن هذا البلد، ونحن نقوم بعملنا فقط”.

وأضاف: “هؤلاء الشباب من النساء والرجال الذين يخدمون في الحرس الوطني والشرطة، هم الأفضل، لماذا سيسعى (بايدن) لإرسال أشخاص لمواجهتهم؟”.

عناصر الحرس الوطني على ضفة نهر ريو جراندي في تكساس.17 يناير 2024 – REUTERS

دعم جمهوري لحاكم تكساس

يحتشد الجمهوريون، بما في ذلك العشرات من حكام الولايات، دفاعاً عن حاكم تكساس، معتبرين هذه المواجهة محاولات من الحكومة الفيدرالية للتدخل في حقوق الولايات. وقال النائب كلاي هيجينز إن إدارة بايدن “تُرتب لحرب أهلية”.

كما نشر السيناتور تيد كروز صورة لسلك مُبَوَّر فوق عبارة “تعال وخذه”، وهي عبارة يستخدمها المعارضون للإجراءات الفيدرالية لإزالة الأسلاك الشائكة.

وفي خضم الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، دعا الرئيس السابق دونالد ترمب الولايات إلى نشر حرسها (الحرس الوطني) في تكساس.

وفي تجمع حاشد في لاس فيجاس، السبت، قال ترمب: “عندما أصبح رئيساً، بدلاً من محاولة إرسال أمر تقييدي إلى تكساس، سأرسل إليهم تعزيزات”، وفق وكالة “أسوشيتد برس”.

ووقع كل الحكام الجمهوريين، باستثناء فيل سكوت من ولاية فيرمونت، على بيان مشترك يؤكد الوقوف إلى جانب حاكم تكساس، و”حق الولاية الدستوري في الدفاع عن النفس”.

وأرسل جلين يونجكين حاكم ولاية فرجينيا، وسارة هاكابي ساندرز حاكمة أركنساس، عدداً صغيراً من الحرس الوطني إلى الحدود لدعم ولاية تكساس، وفق صحيفة “نيوزويك”.

هل يدمج بايدن حرس تكساس الوطني؟

في مواجهات سابقة بين مسؤولي الولايات والحكومة الفيدرالية، اتخذ الرؤساء الأميركيون السابقون خطوة لإضفاء الطابع الفيدرالي على الحرس الوطني المحلي.

وتشمل السوابق التاريخية، إضفاء الرئيس الأسبق دوايت أيزنهاور الطابع الفيدرالي على الحرس الوطني في ولاية أركنساس عام 1957، لضمان مرور آمن لمجموعة من 9 طلاب أميركيين من أصل إفريقي، مسجلين في مدرسة ليتل روك المركزية الثانوية، جرى منعهم من العبور إلى المدرسة لأسباب عنصرية، وفق مجلة “نيويورك”.

كذلك، أضفى الرئيس السابق جون كينيدي الطابع الفيدرالي على الحرس الوطني في ولاية ألاباما عام 1963، للسماح للطلاب من أصل إفريقي بالتسجيل للالتحاق بجامعة ألاباما.

وبينما لم يلمح بايدن إلى أنه سيتخذ مثل هذه الخطوة الكبيرة، دعا النائب الديمقراطي خواكين كاسترو الرئيس إلى القيام بذلك، ولكن حاكم تكساس اعتبر في مقابلة مع المذيع تاكر كارلسون، أن هذه الخطوة في حال اتخاذها، ستكون “غبية، وكارثية بمعنى الكلمة”.

ما مصير اتفاق الحدود؟

مع احتدام الخلاف على مصير الأسلاك الشائكة في تكساس، تعمل إدارة بايدن مع المشرعين الجمهوريين للتوصل إلى اتفاق حدودي، من شأنه أن يرتبط بحزمة جديدة لتمويل الحرب في أوكرانيا.

ومن المقرر أن يتضمن مشروع القانون الذي يناقش في مجلس الشيوخ، التوقيف الإلزامي لجميع البالغين الذين يعبرون الحدود، وإغلاق نقاط الدخول إذا تم تسجيل 5 آلاف مهاجر أو أكثر في اليوم.

وفيما دعا الجمهوريون في البداية إلى انتهاج سياسة حدودية صارمة، مقابل تمرير 110 مليار دولار كتمويل طارئ لأوكرانيا وإسرائيل، يبدو الآن أنهم يريدون إلغاء الاتفاق.

ويضغط ترمب على الجمهوريين في مجلس النواب لرفض مشروع القانون، وقال، السبت: “سأستمر في الحرب إلى آخر نفس”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى