تعليم وجامعات

ارتفاع علامات الطلبة بالتعلم عن بعد وتدنيها بـ«الوجاهي» يُقلق الأهالي

ياسمين الخطيب – أخصائية تربية خاصة

لا زالت الجائحة تلقي بظلالها علينا، الأمر الذي يؤثر سلبا في بعض القرارات ويؤخر في العودة لحياتنا المعهودة ما قبل الجائحة ويبقي برتوش من القيود على بعض القطاعات فكان أبرزها قطاع التعليم الذي شهد مؤخرا تأجيلا لبداية الفصل الدراسي الثاني لنهاية شباط بعدما كان من المفترض أن يبدأ في بداية الشهر وذلك تبعا للحالة الوبائية، حيث تصدر قطاع التعليم المشهد فكان أكثر القطاعات تضررا.
فصل دراسي جديد على الأبواب، طلاب وأهالي يترقبون نتيجة الفصل الدراسي الأول لكي يطمئنوا على المستوى الأكاديمي لأبنائهم وليطمئنوا على نسبة تحصيلهم وهل النسبة بعد العودة للتعليم الوجاهي تكافئ تحصيلهم خلال التعلم عن بعد؟ لا سيما أن الأغلب تسنى لهم معرفة نسبة تحصيلهم والاطلاع على شهاداتهم، فهناك من سيلاحظ تدنيا واضحا في علامات الفصل الدراسي الأول وهذا إنما يعود للآثار السلبية الناجمة عن التعلم عن بعد، أبناؤنا اليوم بأمس الحاجة للدعم، ليد تربت على كتفهم؛ فالخوف وقلة الثقة كانا الرفيق الأول لأبنائنا، هم بحاجة لسماع «إنت قدها ورح تنجح واتحقق طموحك، أنا كتير فخورة فيك و بمحاولاتك «، وحتى لو أخفق الطالب وحصل على نتيجة غير مرضية ومتدنية بالنسبة لأقرانه وأخوته يجب مساندته ودعمه نفسيا، كل ذلك سيكون له الأثر الإيجابي عليه وسيعيد لنفسه الثقة و التوازن الداخلي، وسوف يعوضها في الفصل اللاحق وسوف يتعلم من أخطائه وسيشعر بالتقصير من ناحيته وبالتالي سيقوم بمضاعفة ساعات الدراسة وسيحاول معالجة المشكلة.
هناك لبس كثير يحدث داخل مدارسنا وعلى المعلم مراعاة أن الطالب قد نسي ماهية الامتحان بعد ما ضاعت هيبته خلال التعلم عن بعد سواء من خلال مساندة الأهل خلال تقديم الامتحان أو توكيلهم بالأمر، بالإضافة إلى وجود ضعف في مهارتي القراءة والكتابة لدى أبنائنا والتي تعتبر من أخطر الآثار السلبية للتعلم عن بعد، وهناك مدارس لا تقوم بتنسيق آلية تقديم الإمتحانات بأسلوب جيد؛ وهذا ما حدث بالفعل خلال الإمتحانات الشهرية، فقد يقدم الطالب امتحان اللغة الإنجليزية أو الرياضيات في حصة اللغة العربية، فلا تجد المعلم يقرأ الأسئلة أو يوضح المطلوب من سؤال ما؛ بالتالي خسارة الطالب للعلامات والحصول على علامة متدنية، كل هذا من شأنه أن يزيد من وتيرة الخوف ويرفع من مستوى القلق لدى أبنائنا الطلبة.
وقد يكون هناك ضغط من الأهل على الطالب بالمطالبة بعلامات تفوق مستوى أبنائهم لتتماشى مع علاماتهم خلال التعلم عن بعد وبالتالي إشباع لكبرياء وغرور الأهل ومحاولة في الحفاظ على تصدر أبنائهم للعلامات ضمن محيط العائلة، فالضغط كبير جدا على أبنائنا ويفوق طاقاتهم وقد لا يتماشى مع قدراتهم.
هناك بعض الأمور التي يجب أن تؤخد بعين الاعتبار من قبل الأهل والمدرسة، في البداية يجب أن يُفعّل دور المرشد التربوي وتقوم المدرسة بتخصيص حصة إرشاد أسبوعية لكل صف ويتم الاتفاق ما بين المرشد والطلاب على نقاط وأهداف ومن ثم مساعدة الطلاب في وضع خطط مستقبلية لهم وذلك لخلق روح الحماسة لديهم وتشجيعهم على المضي قدما في رسم مستقبلهم، بالإضافة إلى منح الثقة لأبنائنا ورفع معنوياتهم في محاولة منا لتحسين صحتهم النفسية وذلك يتم بتنسيق وتوزيع المهام ما بين الأهل والمرشد التربوي، بالإضافة للمعلم الذي يجب أن يكون متعاونا ويحتوي طلابه ويحاول خلق روح الدعابة داخل الصف وقبيل الامتحان لإزالة أي توتر وخوف لدى أبنائنا الطلبة؛ ما يتطلب وضع مجموعة من الأهداف المهمة تتوزع ما بين الأهل والمرشد التربوي ويجب أن يتم استغلالها بذكاء وحكمة والتي يجب أن تعالج النواحي النفسية والأكاديمية لدى الطلبة، فما زلنا نلتمس الآثار السلبية التي خلفها التعلم عن بعد لدى أبنائنا، بالإضافة لضرورة عمل اختبارات تقيمية للمراحل الابتدائية الثلاث الأولى والتي بات مطلبا مهما وأمرا بالغا في الأهمية واستنادا على نتائجها سوف يتم أخذ قرار بتفعيل غرفة مصادر في كل مدرسة شأنها أن تركز على المهارات الأساسية من القراءة والكتابة والحساب، والتي تتمثل في شرح مفصل للتعرف على الحروف وأصواتها والمقاطع وربطها لتكوين كلمات ومن ثم تحليلها، وتعلم طريقة الكتابة بشكل صحيح وبشكل متدرج من حرف، مقطع، كلمة ثم تكوين جمل، كذلك الحال في الحساب عن طريق معرفة نقاط الضعف التي أخفق فيها الطالب ومن ثم وضع خطة تربوية تتسلسل بالعمليات الحسابية بشكل انسيابي مبسط.
كل ذلك ينصب بشعورنا بالمسؤولية اتجاه هذه الفئة من المجتمع والارتقاء بهم لكي يحصلوا على نصيبهم من العلم ومحاولة لتعويض جزء من الفاقد النفسي والتعليمي لدى أبنائنا. (الدستور)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى